هل كان محمد رحيما؟

Rahiyma

منذ سنوات، سكن إلى جواري رجل دين نصراني يدعى (الأب نقولا)، فسارعتُ آنذاك إلى الترحيب به، وتقديم يد العون والمساعدة له... ريثما تطمئنُّ نفسه، وتقرُّ عينه، وتنتظم شؤون حياته في مسكنه الجديد. ولم يكن تصرفي هذا سوى التزامٍ مني بتعاليم الإسلام التي توجب على كل مسلم رعاية حُسن الجوار، تجاه أي جار، من أي عِرق كان، ومن أي لون، ومن أي دين.. انطلاقاً من قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورِّثه»[1].

Rahiyma

مساء اليوم التالي، وعند الساعة التاسعة، رن جرس منـزلي، ففتحت الباب، واستقبلت الضيفين الكريمين مرحِّباً بهما..

ولما استقر بنا المجلس، بعد بعض المجاملات.. وبعد أداء واجب إكرام الضيف.. بدأ الأب استيفانو متابعاً حديث الأمس فقال:

- بناءً على ما انتهينا إليه بالأمس، هل أستطيع أن أجد في شخصية محمد بعض مظاهر الرحمة للبشر، قبل البعثة، لأجعلها في بحثي مقدمة لما بعد البعثة؟.

قلت: أجل، فهذا مبثوث فيما صح من أخبار السيرة النبوية.

قال: هل لك أن تحدثني بما يحضرك منها؟

قلت: لك ما تريد، لكن أتدري بماذا كان قوم محمد يلقبونه طيلة المدة التي سبقت بعثته؟.

Rahiyma

بعدما رشفنا رشفات من القهوة المرة، تعيننا على متابعة حديثنا بنشاط أكبر.. أردف الأب ستيفانو قائلاً: حسبي ما سمعته منك عن مظاهر رحمة محمد قبل البعثة، وأود أن أنتقل إلى مظاهر رحمته للبشر بعد البعثة، لكن أودّ قبل أن تحدثني عنها، أن تعرِّفني به.. فتُجمل لي شمائله وصفاته بعامة.. بحيث أستطيع أن أستجمع له في ذهني صورة محددة، فأعرف أين تقع مظاهر رحمته من تلك الصورة.

قلت: لك ما تريد:

1- شمائله (صلى الله عليه وسلم):

Rahiyma

قلت: لو رجعتَ إلى روايات السيرة النبوية الصحيحة المتداولة بين المسلمين[1]، لوجدتها تتناقل فيما بينها أوصاف رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، من مفرق رأسه إلى أخمص قدمه.. حتى أن من يقرؤها تنطبع في مخيلته صورة مكتملة لصاحب تلك الأوصاف.

قال: لو شئتَ لأوجزتها لي.

قلت: حباً وكرامة، إني موجزها لك:

Rahiyma

قال: لو عدنا إلى وصف محمد، ألا تحدثني عن لباس هذه الشخصية القوية الجذابة، حتى تكتمل الصورة في مخيلتي؟.

قلت: بلى أحدِّثُك: كان (صلى الله عليه وسلم) يلبس على رأسه عمامة يرخي لها عَذَبَة[1] بين كتفيه.

قال: ما لونها؟

قلت: غالباً ما تكون بيضاء، وقد تكون صفراء أو سوداء.

قال: ثم ماذا؟

قلت: أما ثوبه فغالباً ما يكون من خشن القماش، وغالباً ما كان يلبس ثوباً واحداً مخيطاً يصل إلى نصف ساقيه أو أدنى قليلاً، بحيث يكون فوق كعبيه، وتحت الثوب إزار[2] أو سروال.

قال: وما لون ثوبه؟

قلت: غالباً ما يكون أبيض، وقد يكون أسود أو أحمر أو أصفر، وقد يكون ذا خطوط.

Rahiyma

واستدرك قائلاً: لكنْ ألا ترى معي أن هذه الصورة بحاجة إلى إطار يحيط بها؟.

قلت: ماذا تقصد؟

قال: الإطار الذي أقصده لصورة محمد، هو تلك البيئة الاجتماعية التي كانت تحيط به، والتي عاشت فيها هذه الشخصية الفذة المتواضعة، مطلعَ القرن السابع المسيحي، ألا حدثتني عنها بإيجاز؟.

قلت: أتريد البيئة الاجتماعية العالمية آنذاك، أم البيئة الاجتماعية العربية؟

قال: أريد العربية، أما العالمية فأنا أعرف الفساد الذي كانت تتخبط فيه المجتمعات آنذاك، من فارسية ورومية وغيرها[1]...

Rahiyma

- مدرسة الرحمة:

مساء اليوم التالي، وعند الساعة التاسعة، رن جرس منـزلي، ففتحت الباب، واستقبلت الضيفين الكريمين مرحِّباً بهما..

ولما استقر بنا المجلس، بعد بعض المجاملات.. وبعد أداء واجب إكرام الضيف.. بدأ الأب ستيفانو متابعاً حديث الأمس فقال:

- لا أكتمك أنني كنت أستروح مظاهر الرحمة للبشر في شخصية محمد، بل وفي شخصية كل عربي، منذ قرأت في سابق أيامي عبارةً لأحد المؤرخين الغربيين النابهين[1] تقول: «لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب»، ولقد وجدت فيها إشادة بعنصر الرحمة عند الجنس العربي كله، لأن الفاتحين من العرب كانوا يمثلون هذا الجنس بكل أطيافه.

Rahiyma

قلت: لقد كان (صلى الله عليه وسلم) يَدلُّ الناس أولاً على الطريق إلى الرحمة... فيعلمهم أن التواضع والرفق هما سبيل الإنسان إليها.

قال: حدثني أولاً عن تعليمه الناسَ التواضع.

قلت: لقد رُوي عنه أنه قال: « إن الله أوحى إلي أن تواضعوا، حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد »[1].

وكان يضرب لهم مثلاً من نفسه فيقول: « إن الله جعلني عبداً كريماً ولم يجعلني جباراً عنيداً »[2].

وكان يطلب من الناس أن لا يبالغوا في أمره و يقول: «يا أيها الناس، لا ترفعوني فوق قدري، فإن الله اتخذني عبداً قبل أن يتخذني نبياً»[3].

Rahiyma

قال الأب ستيفانو: حسبي هذا من الطريق إلى الرحمة، أريد أن أصل إلى الرحمة ذاتها، كيف كان محمد يعلّمها في مدرسته؟

قلت: لك ما تريد، لكن أودُّ أن أذكر لك أمراً أولاً؟

قال: ما هو؟

قلت: ألا تودُّ أن تعرف المصدر الذي تعلم منه محمد (صلى الله عليه وسلم) الرحمة حتى استطاع أن يعلِّمها الناس؟

قال: بلى والله؟

قلت: أنت تعلم أن الكتاب الذي أُنـزل على محمد (صلى الله عليه وسلم) وعلَّمه الإسلام كله، هو القرآن الكريم.

قال: أجل أعلم هذا.

قلت: أتدري كم مرة تكررت كلمة الرحمة ومشتقاتها , في القرآن الكريم؟

قال: لا.

قلت: اعدد معي إذاً:

Rahiyma

قال الأب ستيفانو: حدثني أولاً عن الرحمة العامة، كيف علَّمها محمد في مدرسته؟.

قلت: عنوان هذه الرحمة التي تعمُّ البشر جميعاً، هو الآية القرآنية التي سلف أن ذكرتها لك: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾[1].

وجاء عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «خاب عبدٌ وخسر لم يجعل الله في قلبه رحمةً للبشر»[2].

قال: أجل والله، خاب وخسر، هذا دعاء على القساة الجفاة. هذه واحدة، والثانية؟

قلت: وجاء عنه أنه قال: «من لا يَرحَم لا يُرحم، ومن لا يَغفر لا يُغفر له»[3].

قال: أجل والله، العين بالعين، هذا هو الجزاء العادل للقساة الجفاة. والثالثة؟

تابعونا على المواقع التالية:

Find موقع نبي الرحمة on TwitterFind موقع نبي الرحمة on FacebookFind موقع نبي الرحمة on YouTubeموقع نبي الرحمة RSS feed

البحث

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

البحث

رسالة اليوم من هدي الرسول

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):  أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل. رواه مسلم. قال النووي: وهو صريح في أنه أفضل الشهور للصوم بعد رمضان. وفي حديث آخر حسنه الترمذي: (فيه يوم، تاب الله فيه على قوم، ويتوب فيه على قوم آخرين). يعني يوم عاشوراء، تاب فيه على بني إسرائيل وأغرق فرعون .  

فضل المدينة وسكناها

فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

برامج إذاعية