Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          بعثت بالحنيفية السمحة:

قال ابن القيم: جمع بين كونها حنيفية وكونها سمحة، فهي حنيفية في التوحيد سمحة في الأخلاق، وضد الأمرين: الشرك، وتحريم الحلال .

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية

الحوار في السيرة النبوية

hiwar2_thumbnail.jpg

يقوم الحوار المنضبط الراقي على أصول عظيمة كثيرة، ويمكن إجمالها بسلامة المقاصد، والتثبت، والعلم بمادة الحوار، ولزوم العدل مع المحاور.

فهذه الأصول، وما يندرج تحتها تعد أعظم أصول الحوار ومقوماته.

وهذه الأصول الرفيعة الشأن تتجلى غاية التجلي في السيرة النبوية الشريفة.

وهذا ما سيتبين في المباحث التالية.

المبحث الأول: سلامة المقاصد في الحوار النبوي

فمن أعظم مقومات الحوار سلامة المقاصد، وتتجلى سلامة مقاصد المحاور في إخلاص نيته، ورغبته في الوصول إلى الحق، وبعده عن الأغراض الشخصية، وإحسانه الظن بمحاوره، وبُعْدِه عن الدخول في نيته، وفرحه بظهور الحق على يد أي أحد.

hiwar2_thumbnail.jpg

ذلك أن من أهم مقومات الحوار الناجح أن تراعى فيه الحقائق الثابتة، والأدلة الصريحة الواضحة، وأن يقوم على أساس من الصدق واليقين لا على مجرد الظنون والأوهام.

والمحاور الصادق المخلص، السليم المقاصد يتثبت في أثناء حواره، ولا يلصق بمحاوره ما ليس فيه، ولا يتمنى خطأه، ولا يلتمس عثرته.

وإذا بدا من محاوره تَصَرُّفٌ مُشكِلٌ، أو كلام محتمل بادر بسؤاله عن قصده حتى يصل إلى اليقين في كل ما يقوله، أو يحكم به.([1])

وعلى هذا الغرار كانت تسير حوارات النبي".

والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، وإليك طرفاً منها.

hiwar2_thumbnail.jpg

فالعلم من أعظم مرتكزات الحوار، وأمضى أسلحة المحاور؛ فلا بد للمحاور أن يكون حواره عن علم وبصيرة.

ويتأكد هذا في حقِّ المحاوِرِ المعلِّمِ المرشد الداعية الذي يخاطب الجاهلين، وينبه الغافلين، ويرد على شبهات المخالفين؛ فمن كان هذا شأنه تأكد هذا الأصل في حقه، وقبح جهله بمادة حواره([1]).

قال الله _عز وجل_: [وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُّنِيرٍ] (الحج:8).

hiwar2_thumbnail.jpg

 

العدل قوام الحياة، والسموات والأرض ما قامت إلا بالعدل.

قال _تعالى_: [وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا] (الأنعام: 152).

وقال: [وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)] (الرحمن).

قال ابن حزم ×: =وجدت أفضل نعم الله _تعالى_ على المرء أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره+.([1])

وقال: =وأما من طبع على الجور واستسهاله، وعلى الظلم واستخفافه_ فلييأس من أن يصلح نفسه، أو يقوم طباعه أبداً، وليعلم أنه لا يفلح في دين ولا في خلق محمود+.([2])

hiwar2_thumbnail.jpg

 للحوار الناجح الراقي آداب لا بد منها، وللمحاور البارع المؤثر آداب يحسن أن يتحلى بها.

وتلك الآداب تكاد ترجع إلى إقبال المحاور على صاحبه، ورفعه من شأنه، وإحسانه إليه، وحذره مما ينافي ذلك.

فهذه الآداب المجملة، وما يندرج تحتها تمثل آداب الحوار، وما ينبغي أن يكون عليه المحاور.

ولقد كان النبي" يأخذ بتلك الآداب في حواراته مع كافة الطبقات.

وهذا ما سيتبين في المباحث التالية.

 

المبحث الأول: إقباله " على محاوريه

hiwar2_thumbnail.jpg

فمن آداب الحوار، وأسباب رقيه، وجعله نافعاً مؤدياً للغرض _ رفع الإنسان من شأن محاوريه.

ويتمثل ذلك الأدب العظيم بأمور منها: إنزال المحاورين منازلهم، والتسليم لهم، والأخذ بآرائهم إذا أصابوا المرمى.

ويتمثل _أيضاً_ بالاستماع إلى شبهاتهم، واستنباط آرائهم، إلى غير ذلك مما سيأتي تفصيله.

ولقد كان _عليه الصلاة والسلام_ متمثلاً ذلك الأدب، آخذاً به على أحسن ما يكون، وفيما يلي بيان لذلك:

hiwar2_thumbnail.jpg

فالمحاور محتاج لتلك الصفات الحميدة، والأخلاق العالية التي تضفي على حواره السكينة، والهدوء، وتجعله يؤتي أكله أضعافاً مضاعفة.

ولقد كان نبينا _عليه الصلاة والسلام_ آخذاً بتلك الآداب في حواراته مع كافة الطبقات، وفيما يلي إيضاح لما أجمل من معاني الرفق والإحسان.

أولاً: أخذه" بالحلم والصبر وسعة الصدر: فالمحاور محتاج لذلك أشد الحاجة؛ إذ هو معرض لما يثيره، ويحرك دواعي الغضب فيه.

ومن مواعظ لقمان _عليه السلام_ لابنه: [وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ](لقمان:17).

hiwar2_thumbnail.jpg

تمهيد: في حسن البيان النبوي

لا يمتري عاقل في أن للأسلوب مكانته العليا في الحوار؛ فإذا كان المحاور ذا أسلوب حسن، وتفننٍ في عرض أفكاره _ كان ذلك أدعى لقبول ما يطرحه، ويدعو إليه، والعكس.

ولا ريب أن حسن البيان، وفصاحة المنطق، وبلاغته _ من ضروب العظمة الحاملة على إجلال صاحبها، وأنها من أعظم المقومات لنجاح الحوار، ومن أمضى أسلحة المحاور، وأدعى الأسباب لقبول الحق؛ ذلك أن العمل على إنقاذ النفوس من أودية الغواية، والإقبال بها على مطالع السعادة مسلك وعر، ولا يمر فيه على استقامة تامة إلا من بلغ في صناعة البيان أمداً قصياً.

hiwar2_thumbnail.jpg

فمن أعظم ميزات الأسلوب في الحوار النبوي جمال العرض، وقوة الأسلوب.

ويتجلى ذلك بأمور كثيرة أبرزها ما يلي:

1_ حسن الاستفتاح للحوار: فمما يجمل بالمحاور أن يفتتح حواره افتتاحاً حسناً، وأن يُعْنى به تمام العناية، وأن يُجَمِّله بما يستطيع من وسائل التجميل المناسبة، التي تجتذب الأذهان، وتهيئ الأسماع، وتقود النفوس إلى الإقبال عليه، وإلى أن تتقبله بقبول حسن؛ فإن الفكرة الأولى عن شيء، أو أمر، أو شخص تثبت وتَقِرُّ بالنفس.

ومحوها يحتاج إلى عناء؛ فإن كانت حسنة صَعُب تهجينها، وإن كانت سيئة صعب تزيينها.

hiwar2_thumbnail.jpg

فمن الطرق المجدية في الحوار مراعاة المآلات، وتنزيل الحوار على مقتضيات الأحوال.

ولقد كان _عليه الصلاة والسلام_ يأخذ بهذا الأسلوب، ومن مظاهر أخذه به ما يلي:

1_ التذكير بالعاقبة في الحوار: ومن ذلك تذكير المحاوَر _إذا كان يراد دعوتُه إلى الإيمان_ بما يصير إليه المتقون من عزٍّ وسلامة، وما يلحق المجرمين من خزيٍ ومهانة وندامة.

ومن التذكير ما يرجع إلى البشارة بالخير في الدنيا، والحسنى في الآخرة، ومنه ما يرجع إلى الإنذار بسوء المنقلب في هذه الدار، أو عذاب الهُوْن في تلك الدار.

وللبشارة والإنذار أثر كبير في حث المؤمنين على الحسنات، وردعهم عن السيئات.