Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          كان غالب ما يلبس النبي صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه ما نسج من القطن وربما لبسوا ما نسج من الصوف والكتان (ابن القيم )

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
Rahiyma

وأردف قائلاً: ثم ماذا علَّم محمد الناس في مدرسته من أبواب الرحمة؟

قلت: لقد علَّم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الناسَ في مدرسته الرحمةَ بالجار فقال: «خير الجيران خيرهم لجاره»[1].

وكان يُرغِّب ذلك إلى الناس ويقول: «من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يُؤذِ جارَه»[2].

وكان يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جاره»[3].

وكان يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره»[4].

* * *

وأردفت: ولعل من باب الإحسان إلى الجار وإكرامه، الإهداء له، مهما كانت الهديّة هيّنةً متواضعة، قال (صلى الله عليه وسلم): «يا نساء المسلمات، لا تحقِرَنّ جارةٌ لجارتها ولو فِرسِن شاة»[5].

وكان (صلى الله عليه وسلم) يطلب إلى المسلم أن يجعل جاره مثل نفسه، فيقول: «والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحبَّ لجاره ما يحبُّ لنفسه»[6].

بل إن الإنسان لا يمكن أن يكون مؤمناً بالله إذا لم يكفف أذاه عن جاره. قال (صلى الله عليه وسلم): «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جارُه بوائقَه - أي شروره -»[7].

بل إن إيذاء الجار يمنع من دخول الجنة، قال (صلى الله عليه وسلم): «لا يدخل الجنة من لا يأمن جارُه بوائقَه»[8].

بل قد يكون المسلم معروفاً باستغراقه في عبادة الله، فلا يمنعه من دخول الجنة ويدفعه إلى النار سوى إيذائه جاره، فقد قيل للنبي (صلى الله عليه وسلم): «إن فلانة تقوم الليل، وتصوم النهار، وتتصدق، وتؤذي جيرانها بلسانها. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لا خير فيها، هي في النار»[9].

وقد يكون المسلم لا يؤدي من العبادة سوى الفرائض، لكنه لا يؤذي جيرانه - أي لا يقسو على جيرانه بل يرحمهم - فيدخل الجنة. قيل للنبي (صلى الله عليه وسلم): «إن فلانة تصلي المكتوبة، وتصوم رمضان، وتتصدق بأثوار من أقط - أي صدقة هيِّنة - ولا تؤذي جيرانها. قال: هي في الجنة»[10].

* * *

وأردفتُ: وما كل هذا إلا بسبب السعادة التي يُنـزلها الجار الصالح بجاره، وبسبب الشقاء الذي يُنـزله الجار السيّء بجاره. قال (صلى الله عليه وسلم): «أربعٌ من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء. وأربعٌ من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيّق»[11].

ولهذا كان (صلى الله عليه وسلم) يتعوذ من جار السوء، وبخاصة إذا كان جاراً في دار إقامة، أما الجار الذي يفارق عن قريب فهو أخف وطأة. وكان يقول: «تعوّذوا بالله من جار السوء في دار المقام، فإن الجار البادي - أي من أهل البادية - يتحول عنك»[12].

وذلك لأن دار المقام تكون ثابتة مبنية، أما دار البداوة فتكون خيمة تُنقل من مكان إلى آخر.

* * *

وأردفتُ: ولأجل هذا كله علّم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الناسَ أن عقوبة إيذاء الجار – عقوبة القسوة عليه وعدم رحمته - تفوق عشر مرات عقوبةَ إيذاء غيره، فقال: «لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره، ولأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره»[13].

* * *

وأردفت: إن جميع ما أوصى به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحق الجار، إنما مردّه إلى ما أوصاه به الله سبحانه في هذا، فقد رُوي عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورِّثه»[14].

وكان من صدى هذا التعليم النبوي للرحمة بالجار في مدرسة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أن التزم المسلمون بالإحسان إلى جيرانهم، مهما كان لونهم أو عرقهم أو دينهم. فقد رُوي عن الصحابي عبد الله بن عمر، أنه ذُبحت له شاة في أهله، فلما جاء، قال: أهديتم لجارنا اليهودي، أهديتم لجارنا اليهودي - كررها - سمعتُ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه»[15].

* * *

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] السلسلة الصحيحة للألباني الحديث رقم /103.

[2] صحيح مسلم الحديث رقم /68.

[3] صحيح مسلم الحديث رقم /67.

[4] صحيح مسلم الحديث رقم /69.

[5] صحيح البخاري الحديث رقم /2378 - والفرسن: طرف خف البعير، ويستعار للشاة.

[6] صحيح مسلم الحديث رقم/65.

[7] صحيح الترغيب والترهيب للألباني الحديث رقم 2550-2551 وقال عنه: صحيح.

[8] صحيح مسلم الحديث رقم/66..

[9] السلسلة الصحيحة للألباني الحديث رقم/190.

[10] صحيح البخاري الحديث رقم/7305.

[11] السلسلة الصحيحة للألباني الحديث رقم /282.

[12] صحيح وضعيف الجامع الصغير للألباني الحديث رقم 5278 وقال عنه: صحيح.

[13] السلسلة الصحيحة للألباني الحديث رقم /65.

[14] صحيح البخاري الحديث رقم /5556.

[15] صحيح الترغيب والترهيب للألباني الحديث رقم 2574 وقال عنه: صحيح.