Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-       ترك التعرض للكائنات الحية بدون حق:

عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة، فلدغته نملة، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها، ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار، فأوحى الله إليه: (أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح! فهلا نملة واحدة!) متفق عليه. أي:إن عاقبت فعاقب التي آذتك فحسب، ولا تستهن بحياة المخلوقات بلا مسوغ، حتى الضئيلة منها، إلا أن تكون مؤذية بطبعها كالأفعى والعقرب.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
رَحْمَةِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم)  بالأطْفَالِ

بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي
لَقَدْ كَان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) أَرْحَم النَّاسِ بالأطْفَالِ، فَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَبَّل رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) الحسنَ بْنَ عليٍّ، وَعِنْدَه الأقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التمِيمِيِّ جَالِسًا, فَقَالَ الأقْرَعُ: إِنَّ لِي عشرةً مِنَ الوَلدِ مَا قَبَّلتُ مِنْهُم أَحَدًا. فنظرَ إليْهِ رسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ثُمَّ قَالَ: "مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ" [متفق عليه].

وَعَنْ عَائِشةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَدِمَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالُوا: أتُقَبِّلُونَ صِبيانَكُمْ؟ فَقَالُوا: نَعم. قَالُوا: لكنَّا – واللهِ – مَا نُقبِّل. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) : "أَوَ أَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللهُ نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ" [متَّفَقٌ عليه].

فَفِي هَذَيْنِ الحدِيثَيْنِ بَيانُ عَظيمِ شفَقَةِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بالأَطْفَالِ، وَأَنَّ تَقْبِيلَ الصبيِّ مِنْ مَظَاهِرِ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقةِ، وَفِي قَوْلِه (صلى الله عليه وسلم) : "مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الجزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَمَنْ حَرمَ الأطْفالَ مِنَ الرَّحْمةِ وَالشَّفَقةِ حَرَمهُ اللهُ تَعالَى مِنْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ.

وَمِنْ صُوَرِ رَحْمَةِ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بالأطْفَالِ أَنَّه (صلى الله عليه وسلم) دَخَلَ عَلى ابْنِه إبْرَاهِيمَ, وَهُوَ يجُودُ بنفْسِه – أَيْ فِي سِيَاقِ الموْتِ – فَجعلَتْ عَيْنا رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) تذْرِفَانِ وَقَالَ: "إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَإِنَّ القَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لمحْزُونُونَ" [رواه البخاري].
فأَعْطَى النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) ربَّه حَقَّ العبودِيَّةِ فِي الصَّبْرِ وَالرِّضَا والتَّسْلِيم لأمْرِ اللهِ تَعَالى. وأَعْطَى ابْنَه حقَّه في الرَّحْمَةِ والشَّفَقةِ وَذَرْفِ الدَّمْعِ والحزْنِ عَلَى فِرَاقِه وَهَذَا مِنْ أَكْمَلِ صُوَرِ العبُودِيَّةِ.

وَلمّا ماتَ ابْنُ ابْنَتِه فَاضَتْ عَينَاهُ (صلى الله عليه وسلم) ، فَقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: مَا هَذَا يَا رسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: "إِنَّهَا رَحْمَةٌ, جَعَلَهَا اللهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاء" [متفق عليه].

وَمِنْ صُورِ رَحْمةِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بالأطْفَالِ أَنَّه (صلى الله عليه وسلم) زَارَ غُلامًا يَهُوديًّا مَريضًا كَان يخدُمُه. فَقَالَ له: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا ا للهُ" فَنَظَرَ الغُلامُ إِلَى أَبِيه. فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ. فَقَالَها الغُلَامُ. فَقَالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) : "الحمْدُ للهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ" [رواه البخاري].

وَمِنْ ذلكَ أنَّ غُلامًا لأنسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) اسمُه عُمَيْر، كَانَ لَهُ نُغْر – وَهُوَ الطَّائرِ الصَّغِير – يلْعَبُ بِه, فَماتَ النُّغْرُ, فَحَزِنَ عَلَيْهِ الصبيُّ, فَذَهبَ إليهِ نبيُّ الرَّحْمةِ (صلى الله عليه وسلم) يَزُورهُ لِيُواسِيَه وَيُمازِحَهُ, فَقَالَ لَه: "يَا أَبَا عُمَيْرٍ! مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ" [متفق عليه].

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ عَنْ أَبيهِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فِي إِحْدَى صَلَاتِي العِشَاءِ، وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنًا أَوْ حُسَيْنًا, فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فوضَعَهُ ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلاةِ, فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرانِيِّ صَلاتِه سَجْدَةً أَطَالَها, فَرَفَعَ شَدَّادُ رأسَهُ, فَإِذَا الصبيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللِه (صلى الله عليه وسلم) , فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) الصَّلاةَ قَالَ النَّاسُ: يَا رسولَ اللهِ! إنَّك سجدْتَ بين ظهرانِيِّ صلاتِكَ سَجْدةً أطلتها, حَتَّى ظَنَنَّا أنَّه قَدْ حدث أمرٌ، أو أَنَّه يُوحَى إِلَيْكَ. قَالَ: "كُلُّ ذلكَ لَمْ يكُنْ, ولكِنَّ ابْنِي ارْتَحَلَنِي, فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَه" [رواه النسائي وصححه الألباني].

وَمِنْ رَحْمَةِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) بالأطْفَالِ أَنَّهُ كَانَ يَزُورُ الأنْصَارَ، وَيُسلِّمُ عَلَى صِبيَانِهِمْ, وَيَمْسَحُ رُؤوسَهُمْ" [رواه النسائي وصححه الألباني].
وَمِنْ رَحمته (صلى الله عليه وسلم) بالصِّغَارِ أنَّه كَانَ يُؤتَى بالصِّبْيَانِ فَيبرّك عَلَيْهِم ويُحَنّكُهم. [رواه مسلم].

وَمَعْنَى يُبرّكُ عَلَيْهِمْ: يَمسَحُهم بيدِه الشَّرِيفَةِ ويدْعُو لَهمْ.

وَكَانَ (صلى الله عليه وسلم) يُصَلِّي وَهُو حَامِلٌ أمامةَ بنتَ زَيْنَبَ, فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَها, وَإِذَا قَامَ حَملها.
فَصلواتُ رَبِّي وسلامُه عَلَى هَذَا النبيِّ الكريمِ الرحيمِ.

الأمين العام المساعد
لرابطة العالم الإسلامي

من سلسلة في رحاب السيرة النبوية 34

المرفقالحجم
34.pdf‏148.33 ك.بايت