فبراير 2012
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على
نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد تابعنا في الأمانة العامة للهيئة
العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته ما صدر عن الكاتب الصحفي
بجريدة البلاد السعودية (حمزة كشغري) من تطاول على الله تعالى وتشكيك في وجوده
سبحانه وفي وجوب عبادته جلَّ وعلا ، وما أتبع ذلك من سوء أدب مع النبي صلى الله
عليه وآله وسلم وتصريح بكراهيته لبعض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
كانَ العربُ قبلَ بعثةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم قبائلَ متفرقةً، يقتلُ بعضُهم بعضًا ويَسْبي بعضُهم بعضًا، وكانَ الاستبدادُ هو القانونَ المسيطرَ على تلك القبائلِ، ولم يكنِ الناسُ سواءً في تلك الحِقبةِ، بل كانَ السادةُ يتمتعون بكافةِ الحقوقِ، أما العبيدُ فلم تكنْ لهم أدنى حقوقٌ، لأنهم ملكٌ لأسيادِهم. أما المرأةُ فقد كانتْ مسلوبةَ الحقوقِ، فهي مِلكٌ لأبيها وإخوتها الذكورِ، ثم تكونُ ملكًا لزوجها، ثم لورثتِهِ من بعدِهِ. هذا مع انتشارِ العاداتِ الجاهليةِ كالسلبِ والنهبِ وشيوعِ تجارةِ الرقيقِ والبغاءِ، ووأدِ البناتِ، وعبادةِ الأصنامِ وغيرِ ذلك.
4- من حقوق الأبناء دعا النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) إلى حسنِ التربيةِ والتنشئةِ للأبناءِ، حتى يكونوا شبابًا صالحين، ورجالًا مخلصين لدينهم ووطنِهم وأمتِهم. قالَ (صلى الله عليه وسلم): «ليسَ منا من لم يرحمْ صغيرَنا، ويعرفْ شرفَ كبيرِنا»([i]). وقالَ (صلى الله عليه وسلم): «مُروا أبناءكم بالصلاةِ لسبعٍ، واضربوهم(*) عليها لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجعِ»([ii]). وعن النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) قالَ: «ما نَحَلَ والدٌ ولدًا من نَحْلٍ أفضلَ من أدبٍ حسنٍ»([iii]). وكانَ (صلى الله عليه وسلم) يعلمُ الأطفالَ آدابَ الطعامِ والشرابِ فقالَ مرةً لأحدِهم: «يا غلام!
7- من حقوق الجار كثيرٌ من الناسِ لا يزورن جيرانَهم ولا يسألونَ عنهم، ومن الناسِ من يؤذي جيرانَهُ وهو لَا يدري، وقد يَمْرَضُ الإنسانُ ويحتاجُ إلى مساعدةِ جارِهِ فلا يجدُه في وقتِ الشدةِ، وهذه العزلةُ من نَتاج الحياةِ المعاصرةِ التي أنستِ الناسَ كثيرًا من الواجباتِ الاجتماعيةِ. ولعظمِ حقِّ الجارِ قالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): «ما زالَ جبريلُ يوصيني بالجارِ حتى ظننتُ أنه سيورِّثه»([i]). أي: حتى ظننتُ من كثرةِ الوصاةِ به أنه سيجعلُ له نصيبًا من الميراثِ. وقالَ (صلى الله عليه وسلم): «خيرُ الأصحابِ عندَ اللهِ خيرُهم لصاحبِهِ، وخيرُ الجيرانِ عند الله خيرُهم لجارِهِ»([ii]).
10- من حقوق الضعفاء والفقراء والمساكين اهتمَّ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بالضعفاءِ الذين لا مالَ لهم ولا عشيرةَ، فكان يقبلُ من محسنِهم ويتجاوزُ عن مسيئِهم، ويسعى في حوائِجهم، ويرفعُ عنهم الضرَّ والأذى ولو بكلمةٍ تُغضِبُهم، فعن عائذِ بنِ عمروٍ أنَّ أبا سفيان ـ من عظماءِ قريشٍ ـ مرَّ على سلمانَ الفارسيِّ، وصهيبٍ الروميِّ وبلالٍ الحبشيِّ ـ وكانوا من العبيدِ والفقراءِ ـ فقالوا: واللهِ ما أخذتْ سيوفُ اللهِ من عنقِ عدوِّ اللهِ مأخذَها. فقال لهم أبو بكرٍ الصديقَ ت: أتقولون هذا لشيخِ قريشٍ وسيدِهم؟
12- من حقوق المسنين كبارُ السنِّ قد بلغوا من العمر ما يشعرون معه بالوحدة وتتوالى عليهم فيه آثاره من ضعف ومرض وغيرهما، وهم أيضًا أهلُ الخبرةِ والتجاربِ والحكمةِ، وينبغي على المجتمعِ ألا يهملَ هؤلاءِ، وإنما يقدِّرُهم ويحترمُهم ويستفيدُ من تجارِبهم وخبراتِهم. ولقد احتفى النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بكبارِ السنِّ، وبيَّنَ فضْلَهم وسابقتَهم وعظيمَ حقِّهم على الجميعِ فهو (صلى الله عليه وسلم) يقولُ: «من شابَ شيبةً في الإسلامِ كانتْ له نورًا يومَ القيامةِ»([i]).
14- من حقوق الطريق للطريقِ في الإسلامِ آدابٌ تمنعُ من إيذاءِ الناسِ والتحرشِ بهم كما يحدثُ في كثيرٍ من البلادِ. فعن النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) قالَ: «إياكم والجلوسَ على الطرقاتِ» قالوا: ما لنا بدٌّ، هي مجالسُنا نتحدثُ فيها، قالَ: «فإنْ أبيتم إلا المجالسَ، فأعطوا الطريقَ حقَّها»، قالوا: وما حقُّها يا رسولَ اللهِ؟ قال: «غضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى، وردُّ السلامِ، والأمرُ بالمعروفِ، والنهيُّ عن المنكرِ»([i]). ومن ذلك تحريمُ قضاءِ الحاجةِ في طرقِ الناسِ وأماكنِ الظلِّ، فقد قالَ (صلى الله عليه وسلم): «اتقوا اللعانين: الذي يتخلى في طريقِ الناسِ، أو في ظلِّهم»([ii]).