خير من يقتدى به
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فيا أيها الإخوة المؤمنون، لا يخفى عليكم ما تظافرت عليه نصوص الكتاب والسنة من تأكيد محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتعظيم جنابه الشريف، وما ينبغي من إجلاله وتوقيره، ومن تعزيره ونُصرته، وما يقتضي ذلك مما أمر الله جل وعلا به.
إنَّ حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض، ولا تطيب الحياة ولا يُلتذ بها إلا بحبه، واتِّباع سُنته عليه الصلاة والسلام، فبذلك تطيب الحياة، وتطمئن النفوس، وتبتهج النفوس.
صور ومظاهر حب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته في السيرة النبوية كثيرة، ولم يُؤْثَر عن نبي من الأنبياء عليهم السلام ذلك الحرص والحب الشديد لأمته كما أثِر عن نبينا صلوات الله وسلامه عليه، وصدق الله تعالى حين قال: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِين
الإرهاصات هي البشارات والأمور الخارقة للعادة التي يُحدثها الله عز وجل للنبي؛ تبشيراً بنبوته قبل مجيئه وبعثته، فالأحداث العظيمة غالباً يسبقها من الإشارات ما يكون مؤْذِناً بقربها، وعلامة على وقوعها، ولم يطرق البشرية حدث أعظم من ميلاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان مولده ميلاد أمة سعدت بميلادها الأمم، فهو الرسول المُصطفى، والنبي المُجْتَبَى، الذي ختم الله به أنبياءه، وأرسله رحمة للعالمين كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء:107)، واختصه دون غيره من الرسل بفضائل وخصائص ومعجزات كثيرة، تشريفاً وتكريماً له، ما يدل على جليل قدره، وعلو منزلته عند ربه
وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود جولات في المدينة المنورة وحولها، والمتأمل في السيرة النبوية يرى ذلك واضحاً جلياً مع قبائل يهود المدينة الثلاث: بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة..
كثيراً ما كان لأسلوب العفو الذي تحلى واتصف به نبينا صلى الله عليه وسلم من الآثار الإيجابية التي تغير نفس من تعرض له بالإيذاء، فقد كان المشرك يأتي وفي نيته قتله صلى الله عليه وسلم، وليس على وجه الأرض من هو أبغض إليه منه، ويعود وليس على وجه الأرض من هو أحب إليه منه صلوات الله وسلامه عليه؛ وذلك لعفوه عنه وإحسانه إليه..
كل مجتمع له شخصيات تمثل فيه القدوة التي يحبها أفراده ويقتدون بها في صفاتها وسلوكها، ونحن أمة الإسلام أكرمنا الله عز وجل بنبينا صلى الله عليه وسلم، الذي اصطفاه الله عز وجل على جميع البشر، وفضَّله على جميع الأنبياء والرسل، وجمَّله بحسن الأدب، وزكّاه بعظيم الخُلق فقال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)، وأمرنا باتباع نهجه، والاقتداء والتأسي به في عبادته وجهاده، وأدبه وأخلاقه، وحياته كلها، فهو القدوة المطلقة، والأسوة الحسنة، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}(الأحزا
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اقتفى أثره، وسلَّم تسليماً كثيراً.
قَالَ تَعالى:{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة: 67].
قَالَ ابْنُ كَثيرٍ: "أَيْ بَلِّغْ رِسَالَتي وَأَنَا حَافِظُك وَنَاصِرُك وَمُؤيِّدُك عَلى أعْدائِك، وَمُظْفِرُك بِهْمْ، فَلَا تَخَفْ، وَلَا تحزَنْ، لَنْ يَصِل أَحدٌ مِنْهمْ إِلَيْكَ بِسُوءٍ، وَقَدْ كَان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) قَبْلَ نُزولِ هَذِهِ الآيةِ يُحْرَسُ".
الجمال الخَلْقي والخُلُقي للنبي صلى الله عليه وسلم
اختص الله ـ سبحانه ـ نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجمال خَلْقِهِ وكمال خُلُقِه بما لا يحيط بوصفه البيان، وفطره على صفات عظيمة لا تُعرف لأحد غيره، وكان من أثر ذلك أن القلوب فاضت بحبه وإجلاله، فالذين عاشروه أحبوه ولم يبالوا أن تقطع أعناقهم ولا يخدش له ظفر، لما رأوا من جمال خَلقه وعظيم خُلُقِه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، قال البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ: ( كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أحسن الناس وجها، وأحسنهم خَلْقا ) رواه البخاري .
حياةُ الجدِ سر النجاح، وتنظيم العمل اليومي وسيلة وفرة الإنتاج؛ وإذا كان هذا ضروريًا لعامة الناس في النطاق الضيق الذي يعيشون فيه والعمل الضئيل الذي يزاولونه فهو ألزم للخاصة الذين يقومون بمختلف الأعمال الضخمة، ويحملون أعباء المهام الثقال.