Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

في الصوم تتجلى معاني الإخلاص والصبر , فالصائم صابر لله , وأجره موافق لقوله تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) , فقد قال صلى الله عليه وسلم : كل عمل ابن آدم له إلى سبع مئة ضعف قال الله عز وجل:إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به , يدع شهوته وطعامه من أجلي ) متفق عليه

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
محمد رسول الله

5-نموذج لتعرف أحد كبار أحبار اليهود على محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهذا أيضًا زيدُ بن سَعْنَةَ أحدُ كبارِ أحبارِ اليهودِ أرادَ أنْ يعرفَ صدقَ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فاختبرَهُ في أخلاقِهِ مع الناسِ بل مع المخالفينَ له في عقيدتِهِ، فلم يملكُ إلا أنْ يعترفَ بنبوتِهِ ويكونَ أحدَ أتباعِهِ المؤمنينَ به. عن عبدِ الله بن سلَامٍ ت قالَ: إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لما أرادَ هُدى زيدٍ بنِ سَعنةَ قالَ زيدُ بنُ سعنةَ: إنه لم يبقَ من علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا وقد عرفتُها في وجهِ محمدٍ (صلى الله عليه وسلم) حينَ نظرتُ إليه إلا اثنتينِ لم أَخبُرهما منه: يسبقُ حلمُه جَهلَهُ، ولا يزيدُه شدَّةُ الجهلِ عليه إلا حِلمًا، فكنتُ أتلَطَّفُ لأنْ أخالِطَهُ فأعرفَ حلمَهُ وجهلَهُ.

قالَ: فخرجَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يومًا من الحجُراتِ، ومعه عليُّ بنُ أبي طالبٍ، فأتاه رجلٌ على راحلتِهِ كالبدويِّ.

فقالَ: يا رسولَ اللهِ، قريةُ بني فلانٍ قد أسلموا، ودخلوا في الإسلامِ، وكنتُ أخبرتُهم أنْهم إنْ أسلموا أتاهم الرزقُ رَغَدًا، وقد أصابهم شدَّةٌ وقحطٌ من الغيثِ، وأنا أخشى يا رسولَ اللهِ أنْ يخرجوا من الإسلامِ طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإنْ رأيتَ أن تُرسلَ إليهم من يُغيثهم به فعلتَ.

قالَ: فنظرَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) إلى رجلٍ جانبه ـ أُراه عمرَ ـ.

فقالَ: ما بقي منه شيءٌ يا رسول َ اللهِ.

قالَ زيدُ بن سعنةَ: فدنوتُ إليه، فقلتُ له: يا محمدُ، هل لك أنْ تبيعني تمرًا معلومًا من حائطِ بني فلانٍ إلى أجلِ كذا وكذا؟

فقالَ: «لا يا يهوديُّ، ولكنْ أبيعُكَ تمرًا معلومًا إلى أجلِ كذا وكذا، ولا أُسمي حائطَ بني فلانٍ».

قلتُ: نعم، فبايعنَي، فأطلقتُ هِمْياني(*)، فأعطيتُهُ ثمانينَ مِثقالًا من ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجلِ كذا وكذا.

قالَ: فأعطاها الرجلَ، وقالَ: «اعْجَلْ عليهم، وأغثهم بها».

قالَ زيدُ بن سَعْنةَ: فلما كانَ قبلَ محلِّ الأجلِ بيومين أوثلاثةٍ خرجَ رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) في جنازةِ رجلٍ من الأنصارِ، ومعه أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ ونفرٍ من أصحابِهِ، فلما صلَّى على الجنازةِ دنا من جِدارٍ، فجلسَ إليه، فأخذتُ بمجامعِ قميصِهِ، ونظرتُ إليه بوجهٍ غليظٍ.

ثم قلتُ: ألاَ تقضيني يا محمدُ حقِّي؟ فواللهِ ما علمتُكم بني عبد المطلبِ لمُطْلٌٍ، ولقد كانَ لي بمخالطَتِكم عِلمٌ.

قالَ: ونظرتُ إلى عمرَ بنِ الخطابِ، وعيناه تدورانِ في وجههِ كالفلكِ المستديرِ، ثم رماني ببصرهِ.

وقالَ: أيْ عدوَّ اللهِ، أتقولُ لرسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ما أسمعُ، وتفعلُ به ما أرى؟ فوالذي بعثه بالحقِّ، لولا ما أحاذرُ فوتَهُ لضربتُ بسيفي هذا عنقَكَ. ورسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) ينظرُ إلى عمرَ في سكونٍ وتُؤَدةٍ.

ثمَّ قالَ: «إنَّا كنا أحوجَ إلى غيرِ هذا منك يا عمرُ، أنْ تأمرني بحسنِ الأداءِ، وتأمرَه بحسنِ التِّباعةِ(*)، اذهبْ يا عمرُ فاقضِهِ حقَّه، وزدْهُ عشرينَ صاعًا من غيرِهِ مكانَ ما رُعته».

قالَ زيدٌ: فذهبَ بي عمرُ، فقضاني حقِّي، وزادني عشرينَ صاعًا من تمرٍ، فقلتُ: ما هذه الزيادةُ؟

قالَ: أمرني رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) أن أزيدَكَ مكانَ ما رُعتُكَ. قلتُ: أتعرفُني يا عمرُ؟

قالَ: لا، منْ أنت؟ قلتُ: زيدُ بنُ سَعْنةَ.

قالَ: الحَبرُ؟ قلتُ: نعم الحَبرُ.

قال: فما دَعَاك أنْ تقولَ لرسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ما قلتَ، وتفعلَ به ما فعلتَ؟

فقلتُ: يا عمرُ، كلُّ علاماتِ النبوةِ قد عرفْتُها في وجهِ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) حين نظرتُ إليه إلا اثنتينِ، لم أختبرهما منه: يسبق حلمُهُ جهلَهُ، ولا يزيدُه شدَّة الجهل عليه إلا حلمًا، فقد اختبرتُهما، فأُشهدُك يا عمرُ أني قد رضيتُ باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ (صلى الله عليه وسلم) نبيًّا، وأُشهدُكَ أنَّ شطرَ مالي ـ فإني أكثرها مالًا ـ صدقةٌ على أمةِ محمدٍ (صلى الله عليه وسلم).

فقالَ عمرُ: أو على بعضِهم؛ فإنَّك لا تسعُهم كلَّهم.

قلتُ: أو على بعضِهم. فرجَعَ عمرُ وزيدٌ إلى رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم).

فقالَ زيدٌ: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولهُ (صلى الله عليه وسلم). فآمنَ به وصدَّقهُ، وشهِدَ مع رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مشاهدَ كثيرةً، ثم تُوفِّي في غزوةِ تبوكِ، مقبلًا غيرَ مُدبرٍ([i]).

* * *

 

--------------------------------------------------------------------------------

(*) همياني: أي كيس النقود يشد به الوسط.

(*) التِّباعةِ: أي الطلب.

 

--------------------------------------------------------------------------------

1- رواه ابن حبان (288).