السكينة والوقار شكلان لمعنًى واحد هو الهدوء الناتج عن السلام والاستقرار النفسي. ولكن السكينة أمر داخلي في القلوب، والوقار أمر خارجي تابع لها يظهر في الجوارح، فإن كان القلب ساكنًا آمنًا مستقرًّا، ظهر ذلك في الجوارح فلا تتحرك إلا بهدوء وسلام.ولقد نص القرآن الكريم على أن الله تعالى أنزل عليه (صلى الله عليه وسلم)، وعلى من معه السكينة في أكثر من موضع: قال تعالى: (الفتح: ٢٦).وقال: (التوبة: ٤٠).وقال تعالى: (الفتح: ١٨) إن الناظر لسيرة محمد (صلى الله عليه وسلم) يجد أن قلبه كان مطمئنًا ساكنًا هادئًا مستقرًّا، ذلك أنه لم تكن الدنيا هي كل شيء في حياته، وأخبر عن شأن الدنيا لديه بما قال ومثّل لأصحابه: «ما لي والدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم تركها»([1]).لقد صوَّر محمد (صلى الله عليه وسلم) صلته بالدنيا كرجل يسير في طريق طويل يريد أن يبلغ غاية ما، فوجد شجرة فجلس تحتها ساعة يستظل ثم يعاود سيره، وهكذا كان فعليًّا في الدنيا، فلم تكن كل شيء في حياته، ولم تكن تسيطر عليه، بل كان يتعامل معها باعتدال؛ مما أورثه الطمأنينة والاستقرار. و
فأول وَصْف لهم وصف هيئة المشي في هدوء وسكينة ووقار وهو انعكاس لاطمئنان القلب، والوقار والسكينة بعيدان تمامًا عن التماوت في المشي بهيئة المريض، فالوقار أن تمشي جادًّا، وهي مشية وسط بين التبختر والفخر والتماوت والانكسار.وقد بان أن للسكينة والوقار علامات كثيرة في شخصية محمد(صلى الله عليه وسلم) فظهرت في حركاته، فهو هادئ رزين. وظهرت في كلامه، فهو يكثر الصمت ولا يقول إلا خيرًا، ولا يضحك إلا تبسمًا، وهو قليل المزاح، نادر الضحك، كثير التبسم.وظهرت في شجاعته، فهو الشجاع عديم الخوف من الناس كثير الخوف من ربه، لا يقلقه الفزع، ولا تؤثر فيه المخاوف. وظهر
وعن أبي قتادة قال: صليت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: «لا تقوموا حتى تروني وعليكم بالسكينة»([4]).وكا
------------------------------
([1]) أخرجه الترمذي (2377)، وابن ماجه (4109)، وأحمد (3701).
([2]) أخرجه البخاري (4829)، ومسلم (899).
([3]) أخرجه البخاري (635)، ومسلم (602).
([4]) أخرجه البخاري (909)، ومسلم (604).
([5]) أخرجه مسلم (2699).