ذا كنا قد تعجبنا من سعة رحمته صلى الله عليه وسلم بالمسلمين - كما بيَّنا في الباب الثاني – فإننا – ولا شك – سننبهر برحمته صلى الله عليه وسلم بغير المسلمين!
إن رحمته صلى الله عليه وسلم بالمسلمين أمر متوقع ومفهوم، فهم أتباعه وناصروه ومحبوه، وهم الذين يعتقدون عقيدته، ويدينون بدينه، وهم الذين يقدموه على أبنائهم وأزواجهم وأموالهم، بل وعلى أنفسهم، وإن أخطأ المسلمون أحيانًا فهو صلى الله عليه وسلم لهم كالأب لأولاده، وكالمعلِّم لتلامذته، بل أعظم من ذلك، فهو - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِين
لهذا كله فرحمته صلى الله عليه وسلم بالمسلمين أمر مفهوم..
لكن أن تشمل رحمته صلى الله عليه وسلم غير المسلمين فهذا شيء مبهر حقًا!!
إنه لشيء رائع حقًا أن يرحم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك الذين رفضوا عقيدته واعتنقوا غيرها، وأولئك الذين لم يعترفوا بنبوته أصلاً! بل إنه لشيء شديد الإبهار أن نراه يرحم ويَبَرُّ ويعطف ويحنو على أولئك الذين عذبوه وعذبوا أصحابه، وعلى أولئك الذين مارسوا معه ومع المسلمين أشد أنواع القسوة والعنف!!
إننا سنستمتع حقيقةً بهذا الباب!
وسوف نتناول – إن شاء الله - هذا الموضوع المهم للغاية من خلال الفصول الآتية:
الفصل الأول: نظرة الإسلام إلى النفس الإنسانية
الفصل الثاني: رحمته صلى الله عليه وسلم بغير المسلمين في المجتمع الإسلامي
الفصل الثالث : رحمته صلى الله عليه وسلم في تجنب الحرب
الفصل الرابع: رحمته صلى الله عليه وسلم أثناء الحرب
الفصل الخامس: رحمته صلى الله عليه وسلم بالأسرى
الفصل السادس: رحمته صلى الله عليه وسلم بزعماء الأعداء!
------------------------------
[1] البخاري: كتاب الكفالة، باب الدَّيْن (2176)، ومسلم في الفرائض، باب مَن ترك مالاً فلورثته (1619)، والترمذي (1070)، والنسائي (1963)، وأبو داود (2954)، وابن ماجة (2415)، وأحمد (9847)، وابن حبان (4854).