Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

على العبد الإكثار من الدعاء حال الرخاء فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء" رواه الترمذي . وقيل :من أدمن قرع الباب ولج ( بكر ابوزيد)

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
العدل في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى} (النحل:90) . وَقولِه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} [المائدة: 8].

وَمِنْ صُورِ عُمومِ عَدْلِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) أَنَّ امرأةً شَرِيفَةً مِنْ بَنِي مخزُومٍ سَرقتْ، فَأهمَّ قُريْشًا شأنُ هَذِهِ المرأةِ، وأرادُوا أَن يتوسَّطوا عِند النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فِي دَرْءِ الحدِّ عَنها، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيها رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)؟ قَالُوا: وَمَنْ يجترِئُ عليهِ إِلَّا أُسامةُ بْنُ زيدٍ حِبُّ رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم), فأُتِي بِها رَسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فَكَلَّمَهُ فِيها أُسامةُ بْنُ زَيْدٍ، فَتلوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) وَقَالَ: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟" فَقَالَ لَه أُسَامَةُ: استَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ!

فَلَمَّا كَانَ العشيُّ قَامَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فاخْتطبَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِما هُوَ أَهلُه، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّما أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا" [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

هَذِهِ هِي العَدالةُ النبويَّةُ الَّتِي لَا تفرِّقُ بَيْنَ شَريفٍ وَوَضيعٍ، أَوْ بَيْنَ غنيٍّ وفقيرٍ، أَوْ بينَ حَاكِمٍ ومحكُومٍ، فالكلُّ فِي ميزَانِ الحقِّ والعَدْلِ سَواءٌ.

وَمِنْ صُورِ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ النُّعمانَ بْنَ بَشيرٍ  قَالَ: أَعْطَانِي أَبي عَطِيةً، فَقَالَتْ أمُّه عُمَرةُ بِنْتُ رَواحَةَ: لَا أرْضَى حَتَّى يشهَدَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَأَتَى رَسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: إِنِّي أَعطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمرةَ بِنْتَ رَوَاحَةَ عَطِيةً, فَأمرَتْنِي أَن أُشهِدَكَ يَا رسُولَ اللهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟" قَالَ: لَا. قَالَ: "فاتَّقُوا اللهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ" فَرَجَعَ بَشيرٌ, فردَّ عطيَّتَهُ. [متفقٌ عليْهِ].

وَفِي رِوايةٍ قاَل: "أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ؟" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَكُلُّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا؟" قَالَ: لَا. قَالَ: "فَلَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ" [مُتفقٌ عليْهِ].

وَجَاء ذُو الخويْصَرةِ التميميُّ والنبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يقْسِمُ الأمْوالَ، فَقَالَ: يَا رَسولَ اللهِ اعْدِلْ! فَقَالَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ" [متفقٌ عَلَيْهِ] فَهُو (صلى الله عليه وسلم) الَّذي فضَّلَه اللهُ تَعَالى وَعَدَّله وائْتمَنَه عَلى وَحْيِهِ، فَكيفَ لَا يَعْدِلُ، وَكيفَ لَا يُقْسِطُ؟ وَهُوَ (صلى الله عليه وسلم) القائِلُ: "إِنَّ المقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلّوا" [رَوَاهُ مُسْلِم].

وَأَمَّا العدْلُ بينَ الزَّوْجَاتِ فَقَدْ كَانَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يَقُومُ بِه حَقَّ القِيامِ، حَيْثُ كَان يقْسِمُ بينَهُنَّ مَا يقْدِرُ عَلَى قسْمَتِه مِنْ بَيْتٍ ونفَقَةٍ وَنحْوِهِمَا بالقسْطِ التَّامِّ سَفَرًا وَحَضرًا، يَبِيتُ عندَ كُلِّ وَاحِدَةٍ ليلةً، وينْفِقُ عَلَى كُلِّ واحدَةٍ مَا فِي يدِه بالسويَّةِ، وَبنى لكلِّ واحِدةٍ حُجْرةً، وَإِذَا سَافَرَ أَقْرَع بينهُنَّ, وَخرجَ بالَّتِي تَخرُجُ لَها القُرْعَةُ, وَلَمْ يفرِّطْ فِي شيْءٍ مِن ذَلِكَ، حَتَّى فِي مَرضِ مَوْتِه، حَيثُ كَانَ يُدارُ بِه عَلَى نِسَائِه، كُلُّ وَاحدَةٍ فِي نوبَتِها، وَلمَّا شقَّ عليْهِ ذَلكَ، وعلِمْنَ أَنَّه يحبُّ أن يسْتِقرَّ فِي بيتِ عائشةَ – رَضِي اللهُ عنهُنَّ كلِّهنَّ – أذِنَّ له في أن يُمَرَّض في بيتِها، فمَكثَ فِيه حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينُ، وَمَع ذَلِكَ العدْلِ الَّذِي كَانَ يَقُومُ بِه معهُنَّ كَانَ يعْتَذِر إِلَى اللهِ تَعَالَى وَيَقُولُ: "اللهُمَّ هَذَا قَسَمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ( 1)" [رواه أبوداود والترمذيُّ].

وَحَذَّر النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) مِنَ الميْلِ إِلى إِحْدَى الزَّوْجَاتِ عَلَى حِسَابِ الأخْرَى, فَقَالَ عَليه الصلاةُ وَالسَّلامُ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ, فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا, جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ" [رواه مسلم].
_____________________
(1) أخلاق النبي  في القرآن والسنة (3/1271).

في رحاب السيرة النبوية 29
بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي

الأمين العام المساعد
لرابطة العالم الإسلامي