Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

كان صلى الله عليه وسلم يسمي الله تعالى على أول طعامه ويحمده في آخره فيقول عند انقضاءه ( الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفيٍّ ولا مودع ولا مستغنىً عنه ربنا) رواه البخاري

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
الرفق في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)

كَانَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) رَفِيقًا بأمَّتِه, فَلَمْ يُخيَّر بَينَ أمريْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا, تَيْسٍيرًا عَلَى الأُمَّةِ وَرَغَبةً في رفعِ الحرجِ عَنْهَا, وَلِذَلِكَ قَالَ (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتا وَلَا مُتَعَنِّتًا, وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا" [رواه مسلم].

وَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللهَ تَعَالَى رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ, وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ" [رَواهُ أَبُوداودَ وصحَّحَه الألبانيُّ].
وَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): "مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَمَا نُزِّعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانه" [رَواهُ مسْلِم].

وَقَدْ وَصفَ اللهُ تَعَالَى نَبيَّه (صلى الله عليه وسلم) بالرأفَةِ وَالرَّحمةِ فَقَالَ: } لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ{ [التَّوبة: 128].

وَمِنْ رِفقِه (صلى الله عليه وسلم) بأمَّتِه أَنَّ رَجلاً جَاء إِلى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: هَلكْتُ يَا رَسولَ اللهِ!
قَالَ: "وَمَا أَهْلَكَكَ؟".
قَال: وقعْتُ علَى امْرأتِي فِي رَمضانَ.
قَالَ: "هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبةً".
قَالَ: لَا.
قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟".
قَالَ: لَا.
قَالَ: "فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا".
قَالَ: لَا.
قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ فأُتِي النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بِعَرَقٍ(1) فِيه تمرٌ، فقال: "تَصَدَّقْ بِهَذَا".

قَالَ الرَّجل: أَأَفْقَرُ مِنَّا؟ فَما بين لابَتَيْها أهلُ بيتٍ أحوجُ إِلَيْهِ مِنَّا. فضحِكَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) حَتَّى بدتْ أنيابُه, ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ" [متفقٌ علَيْه].
فانْظُر إِلَى رِفقِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) بِهذَا الرَّجُلِ المخْطِئ الَّذِي وَقَعَ عَلَى أهلِهِ فِي نَهارِ رَمضانَ, فَإِنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) مَا زالَ يُرفقُ بِه ويتدرْجُ مَعه من العُقوبةِ الأشدِّ إلى العقوبةِ الأخفِّ، حَتَّى وصلَ به الحالُ إِلَى أَنْ أَعطاهُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ عَنْ خَطِئِه, بَلْ إِنَّه سمَحَ لَهُ بأنْ يأخُذَ هَذه العطيَّةَ ويُطعِمَها أهلَه نَظرًا لحاجَتِه وفقْرِه، فَمَا أعْظَمَ هَذَا الرِّفْقَ النبويَّ، وَمَا أجملَ هَذِهِ الرأفةَ المحمَّديةَ.

وَهَذَا مُعاوِيةُ بْنُ الحَكَمِ السُّلَمِيُّ (رضي الله عنه) يقُول: بَينما أَنَا أُصَلِّي مَع رسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، إِذْ عَطسَ رَجلٌ مِنَ القوْمِ, فَقلْتُ: يرْحَمُكَ اللهُ. فَرَماني القوْمُ بأبْصارِهِمْ, فقلْتُ: واثُكْلَ أُمِّياه! مَا شأْنُكم تَنظُرُونَ إليَّ؟ فجَعلُوا يضْرِبُون بأيدِيهمْ عَلَى أفْخاذِهِمْ، فَلَمَّا رأيتُهم يُصَمِّتونَني, لَكِنِّي سَكتُّ، فَلَمَّا صَلى النبيُّ (صلى الله عليه وسلم)، فَبِأبي هُو وأمِّي، مَا رأيتُ مُعلِّمًا قبْلَه ولا بعْدَه أَحسنَ تَعْلِيمًا مِنْه، فَوَاللهِ مَا كَهرني(2)، وَلَا ضَرَبَني, وَلَا شَتمنِي, قَالَ: "إِنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ" [رَوَاهُ مُسْلِم].

قَال النوويُّ: "فِيهِ مَا كانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ عَظِيم الخُلُقِ، الَّذِي شهِدَ اللهُ تَعَالى لَهُ بِه، وَرفْقِه بالجاهِل، ورأفَتِه وشفقَتِه عَلَيْه، وَفِيه التخلُّقُ بخُلُقِه (صلى الله عليه وسلم) فِي الرِّفْقِ بالجَاهِل، وحُسْنِ تَعلِيمِه, واللُّطْفِ بِهِ، وَتقْرِيبِ الصَّوابِ إِلَى فَهْمِه".
وَمِنْ رِفْق النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) بأمَّتِه أَنَّه نَهَى عَنِ الوِصَالِ فِي الصَّوْمِ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرضَ عَلَى النَّاسِ.

وَمِنْ رِفْقِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) بأمَّتِه, أَنَّه صلَّى قِيامَ رَمضانَ فِي المسْجدِ ثَلاثَ لَيالٍ أَوْ أكثرَ، حَتَّى اجْتَمع خَلْفَه نَفَرٌ كَثِيرٌ, ثُمَّ إِنَّه (صلى الله عليه وسلم) لم يخرُجْ إِلَى النَّاسِ بَعدَ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ هَذِهِ الصلاةُ عَلَى النَّاسِ.

وَمِنْ رِفق النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بأمَّتِه أنَّه دخَل المسْجدَ، فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بِينَ سَارِيَتَيْنِ. فَقَالَ: "مَا هَذَا الحَبْلُ؟" قَالُوا: هَذا حَبْلٌ لِزينَبَ، فَإِذَا فَترتْ تعلَّقتْ بِه، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ، فَلْيَقْعُدْ" [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
_________________________
(1) العَرَقُ: الزنبيل أو القفة.
(2) كهرني: نهرني.

في رحاب السيرة النبوية 26
بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي
الأمين العام المساعد
لرابطة العالم الإسلامي

المرفقالحجم
26.doc‏75 ك.بايت