Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          حق المسلم على المسلم:

عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة). رواه أحمد والترمذي وحسنه .

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
Dr.Khalid Shaya

You are missing some Flash content that should appear here! Perhaps your browser cannot display it, or maybe it did not initialize correctly.

الشيخ الدكتور خالد بن عبد الرحمن الشايع
 
تحميل


هنا نص البرنامج كاملا

بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، الحمد لله رب   العالمين، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمه للعالمين نبينا محمدًا وعلى آله وصحبه   أجمعين، وبعد:

فأرحب بكم مستمعي الكرام في هذه الحلقة من [مواقف من بيت النبوة]، وكنتُ قد أشرتُ عدة مرات إلى ما اختصَّ الله به بيت النبوة من مزيد  الرعاية والعناية، وتعدَّدت الوصايا الموجَّهة لأهـل بيت رسول الله -صلى الله عليه  وسلم –،وفي ذلك شمول لبقية الأمة -رجالها ونسائها- إلَّا ما جاء النـصُّ على خصوصيته، ومن التوجيهات الربانية الشاملة لنساء أهل البيت ولعموم نساء الأمة، قول الله -جلَّ وعلا-: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب: 59]، قال الحافظ بن كثير رحمه الله تعالىعند تفسيره لهـذه الآية، يقول الله -تعالى آمرًا رسولهصلى الله عليه وسلم تسليمًاأن يأمر النساء المؤمنات خاصة أزواجه وبناته؛لشرفهن بأن يدنين عليهن من جلابيبهن؛لـيتميَّزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء، والجلباب   والرداء فوق الخمار.

وهذا التوجيه الرباني تأكيد لِما جاء  في آية الحجاب،وهـي قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، ومعنى هذه الآية، كما ذكر الحافظ ابن جرير الطبري -رحمه الله-: إذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلمونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم   بأزواجًا متاعًا،وهو كل ما يمكن أن يُطْلَب من المواعين، وسائر ما يتعلَّق بأمور الدنيا   والدِّين؛{فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}، أي: من وراء ستر بينكم وبينهن،ولا تدخلوا   عليهن بيوتهن؛{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}، أي:من عوارض العين التي تَعْرِض في صدور  الرجال من أمور النساء،وفي صدور النساء من أمور الرجال، وأحـرى من أن لا يكون   للشيطان عليكم وعليهن سبيلًا" انتهى ملخصًا.

ونلحظ هنا أنَّ هذه الآية -آية الحجاب-، وإن نـزل حكمها خاصًا في أزواج النبي-صلى الله عليه وسلم-؛ فالمعنى عامٌ في جميع نساء الأمة؛ إذ أنَّ العبرة بعموم  اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر في محله، وهذه الآية -آية الحجاب- مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، كما ثبت ذلك في الصحيحين أنَّه قال: وافقتُ ربي -عزَّ وجل-  في ثلاث:  قلت يا رسول الله: لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله -تعالى-: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، وقلت: يـا رسول الله،إنَّ نساءك يدخل عليهن البَر والفَجُور،  فلو حجبتهن؟ فأنزل الله آية الحجاب، وقلت لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَّا تمالأن عليه في الغيرة {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ} [التحريم: 5]، انتهى، إلى غير ذالك من الموافقات.

وقد كان وقت نزول هذه الآية -آية الحجاب-، وهي قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} كان في صبيحة   عُرس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بزينب بنت جحش التي تولَّى الله -تعالى تزويجها بنفسه لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، وكان ذالك في ذي القعدة من السنة الخامسة للهجـرة، كما روى قصة زواجه   -صلى الله عليه وسلم- البخاري ومسلم وغيرهما.

ولنستمع -مستمعي الكرام-إلى سيـاق القصة التالية في بيان سبب نزول الآية المذكورة مع اشتمالها عدد من الفوائد والعبر، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدخـل بأهله -يعني: زينب بنت   جحش-، قال: فصنعت أمي -أم سُليمًا-حَيْثًا -وهو الطعام المتخذ من التمـر والإقط والسمن، وقد يُوَضع الدقيق بدلَ الإقط-، فجعلته في تور: -أي: في إناء-، فقالت: يا أنس، اذهب بهذا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقـل: بعثت بهذا إليك أمي، وهي تقرؤك السلام، وتقول: إنَّ هذا لك   منا قليل يا رسول الله، قال: فذهبت بها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: إنَّ أمي تقرؤك السلام، وتقول: إنَّ هذا لك منا قليل يا رسول الله، فقال ضعه، ثم قال: اذهب، فادعُ لي   فلانًا وفلانًا وفلانًا ومن لقيت، وسمَّى رجالًا، قال: فدعوتُ من سمَّى ومن   لقيت، قال الراوي: قلت لأنس: عدد كم كانوا؟ قال: زُهاءَ ثلاث مائة، وقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم: يا أنس، هاتِ التور -يعني اناء الطعام المذكور-قال: فدخلوا   حتى امتلأت الصُّفة والحجرة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليتحلَّق عشرة عشرة، وليأكل كلَّ إنسان مما يليه)، قال: فأكلوا   حتى شبعوا، قال: فخرجت طائفة، ودخلت طائفة حتى أكلوا كلُّهم، فقال لي: يا أنس، ارفـع، قال: فرفعت، فما أدري حين وضعت أكثر أم حين رفعت، قال: وجلس طوائف منهم يتحدثون في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورسول الله جالس، وزوجته مولِّية وجهها إلى الحائط، فثقُلُوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسلَّم  على نسائه، ثم رجـع، فلما رأوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أنَّه قد رجع؛ ظنوا أنَّهم قد ثَقُلُوا عليـه، قال: فابتدروا الباب -يعني: سارعوا إليه-، فخرجوا كلُّهم، وجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أرخى الستر، ودخـل وانأ جالس في الحجرة، فلم يلبث إلَّا  يسيرًاحتى خرج علي، وأُنْزِلت هذه  الآية، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقرأهن على الناس، الحديث، قال أنس في تمامه: وحُجِبن نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-[1] 

وقد التزم نساء بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الأوامر الربانية والتوجيهات النبوية، وتابعهن على ذلك نساء صالحات فاضلات في مختلف الأزمان والبقاع، وفي مقدِّمة هؤلاء النسوة نساء الأنصار، يبيِّن ذلك ما روته صفية بنت شيبة -رحمها الله- قالت: بينا نحن عند عائشة -رضي الله عنها- ذكرن نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة: إنَّ لنساء قريش لفضلًا، وإنَّي والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار ولا أشدَّ تصديقًا لكتاب الله ولا إيمانًا بالتنزيل، لقد أُنْزِلت سورة النور، {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كلِّ ذي قرابة، فما منهن امرأة إلَّا قامت إلى مِرطِها المُرَحَّل، فاعتجرت به -تعني أنَّهن تلففن، واستترتن بالأكسية السابغة-؛ تصديقًاوإيمانًا بما أنزل الله من كتابه، ولا يزال لمثل هؤلاء النسوة أشباه ونظائر إلى زماننا اليوم -زادهن الله هدى وثباتًا-، وبمثل هؤلاء المسلمات الواعيات الطاهرات تُعمَّر البيوت المسلمة، وتُربَّى الأجيال على الفضيلة، ويزخر المجتمع بالرجال الأبطال العاملين البُناة.

وعلى النقيض من هؤلاء الفاضلات مسلمات مقصرات، يريد الشيطان أن يصرفهن عن شرع ربهن، فاختار لهن سبيل التبرُّج والسفور، برغم ما يحملن في قلوبهن من إيمان بالله ورسوله، وأذكر مثل هذا الصنف من الأخوات بقول نبيهن -صلى الله عليه وسلم- صنفان من أهل النار لم أرهما، وذكر منهما: (نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات،رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)[2].

ولأجل ذلك، فقد بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببيان هذا الأمر لزوجاته، وذلك فيما رواه البخاري وغيره، عن أمِّ سلمة زوج النبي-صلى الله عليه وسلم- قالت: استيقظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة فزعًا يقول: (سبحان الله، ماذا أنزل الله من الخزائن؟ وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات؟ -يريد أزواجه-؛ لكي يصلين، رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا عارية في الآخرة)، هكذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجاته بالصلاة، وحذَّرهن أن تكون الواحدة منهن كاسية، ولكنها في واقع الأمر متعرية، مع تحقُّقنا أنَّ زوجاته -صلى الله عليه وسلم- فاضلات صالحات، وهن معه في الجنة في الآخرة، ولكن من يضمن السلامة والنجاة   لغيرهن؟!

وقوله -صلى الله عليه وسلم- في وصف أولئك النسوة:(أنَّهن كاسيات عاريات)، فسَّره العلماء بأنَّه يكون على عدد من الحالات والصور، ومن ذلك:

*     كأن تكون المرأة كاسيه في الدنيا لغناها وكثرة ثيابها، عارية في الآخرة من الثواب؛ لعدم العمل الصالح في الدنيا.

*     أو أن المرأة تكون كاسيه بالثياب، ولكنها شفافة لا تسترعورتها، فتعاقب بالآخرة   بالعُري جزاءً على ذلك. 

*     أو أن تكون المرأة تكون كاسيه من نِعم الله، عارية من الشكر الذي تظهر ثمرته في الآخرة بالثواب.

*     أو أن تكون المرأة كاسيةً جسدها، لكنها تشدُّ خمارها من ورائها، أو تجعل تلك الثياب ضيقة، أو قصيرة، أو تُبْدِي بعض أجزاء الجسد، فتبدي ثنايا جسمها ومفاتنها، فتصير في حكم العارية، فتعاقب   في الآخرة.

وقد نبَّه لهذه التذكيرات: الحافظ ابن حجر، والنووي، وابن الأثير، وغيرهم، وهكذا ما يشاهد اليوم من بعض النساء -هداهن الله-، واللواتي يُظْهِرن أنواعًامن التبرج أمام الأجانب، من مِثْلِ ما تقدَّم ذكـره، وكما يقع من النساء -هداهن الله-من كشف الوجه أو بعضه أمام الأجانب متبرجةً سافرة، وهؤلاء المسلمات ينبغي أن يحافظن على ما وفقهن الله إليه من الهدى والخير، وأن يجتنبن هذه الخصال الذميمة، كما ينبغي على الأزواج وأولياء الأمور أن يؤدُّوا الأمانة التي استرعاهم  الله عليهم تجاه أهليهم.

أسأل الله الكريم أن يسلك بنا سبيل رضا، وأن يجنِّبنا أسباب سخطه وعقوبته، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته. 

 


[1]    وهذا الحديث خرَّجه أيضًا الترمذي والنسائي، وعلَّقه البخاري في كتاب النكاح.  

[2]    رواه الإمام مسلم.

المقطع المختار من قسم مقاطع الفيديو