Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

عن أنس رضي الله عنه قال : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار . متفق عليه

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
أعظم رحلة في تاريخ البشرية

لمَّا اشتدَّ الْأَذى بأصْحَابِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم), أَذِن رسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) لهمْ بالهجْرَةِ إِلَى المدينةِ, وَكَانَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) قدْ اطْمأنَّ بأنَّ الدَّعْوةَ قَدِ انتشرتْ فِي المدينةِ, وَأَنَّها قدْ أَصبَحَتْ مُهَيَّأَةً لاسْتِقبالِ المهَاجِرينَ.

فَبادَر المؤْمِنُونَ إِلَى الهجْرَةِ, وَخَرجُوا أَرْسَالاً يتْبع بعضُهُم بَعضًا.

وَبَقِي النبيُّ (صلى الله عليه وسلم)، وَبَقِي مَعه أَبُو بكْرٍ وَعَليٌّ، وَكذلِكَ مَن احْتَبَسَهُ المشْرِكُون كُرْهًا.

عَلِمْت قُريشٌ أَنَّ أصْحابَ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) ذَاهِبُون إِلى أرضِ مَنْعةٍ، فَخَافُوا مِن انْتِشارِ هَذا الدِّينِ، وَأَجْمعُوا عَلى قَتْلِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم).
وَفي اللَّيْلَةِ الَّتِي خَطَّطوا لاغتِيالِ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فِيها، أَعْلمَ اللهُ نبيَّه (صلى الله عليه وسلم) بِما دَبَّره هؤلاءِ مِن كيدٍ، وأمرَهُ بالهجْرَةِ وَاللِّحاقِ بِمَنْ هَاجر مِنَ المؤمِنِينَ، وَأَلَّا يَنامَ فِي مَضجَعِه تِلك الليلةَ.

طلَب النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) من علي (رضي الله عنه) أَنْ يَنامَ فِي فِراشِه, وَأَنْ يَتسجَّى ببُرْدَتِه، وَأَمرَهُ أَنْ يُؤدِّيَ عَنْه وَدَائِعَ النَّاسِ. فامتثلَ عَليٌّ للأمْرِ، وَنَامَ فِي فِراشِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) والسُّيوفُ مُشْرَعَةٌ خَلفَ البَابِ.

وَخَرَجَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ بَيْنِ هَؤُلاءِ الَّذينَ يُريدُونَ قَتْلَه، وَلَكِنَّ اللهَ تَعالى أَعْمَى أَبْصارَهُمْ, وَنِكايةً فيهِمْ، نَثر النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) التُّرابَ عَلى رُؤوسِهم, ثُمَّ انطلَقَ إِلى بيتِ صَديقِه أَبي بكْرٍ، وَخَرجَا مُسرِعَيْنِ ليلاً.

انطلَقَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) وَأَبُوبكرٍ حتَّى وَصَلَا إِلَى غَار ثَوْرِ, وَمكثَا فِي الْغَارِ حَتَّى يخفَّ عَنْهُما الطَّلَب.

أَمَّا قريشٌ فقدْ ثارَتْ ثائِرتُها عِندَما عَلِمُوا بِفسَادِ مَكْرِهم، وَفَشَل خُطَّتِهم, فَأرْسلُوا الطُّلَّابَ مِن كلِّ جهةٍ, وَرَصدُوا لمنْ يَأتِي بالنبيِّ (صلى الله عليه وسلم) أَوْ يَدلُّ عَلَيْهِ مِائةَ ناقةٍ, وَقَدْ أَوْصلَهمُ البحثُ عَن النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) إِلى بَاب الغَارِ, وَوقفُوا عنده، إِلَّا أنَّ اللهَ تعالَى صَرفَهُم عَنْه، وَحَفِظَ نبيَّه (صلى الله عليه وسلم) مِنْ كَيْدِهم. قَالَ أَبُو بكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَوْ نَظر أحدُهمْ إِلى مَوْضِع قدمَيْه لأبْصَرنَا. فَأجَابَهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا" [رواه البُخارِيُّ].
وَبعدَ ثَلاثِ لَيالٍ جَاءهُما الدَّلِيلُ الَّذِي قَدِ اسْتأْجَراهُ مِنْ قَبْل بالرَّاحِلَتَيْنِ حَسبَ الخطَّةِ المعدَّةِ سَلفًا، ثُمَّ اتجَهُوا نَحوَ المدِينَةِ.

وَفِي الطَّرِيق مرَّ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بخيْمةِ أمِّ معبدٍ الخزَاعِيَّة، وَأصَابها مِنْ بَركَتِه فِي شَاةٍ لَها، لَيسَ بِها قَطْرةُ لَبنٍ، فَاسْتأذَنها فِي حَلْبِها, فَامتَلأَ ضَرْعُها باللَّبَنِ, فسَقاهَا وَسَقَى مَنْ مَعهُ، ثُمَّ شرِبَ هُو (صلى الله عليه وسلم)، ثُمَّ حلَب الإِناءَ ثَانيًا فملَأهُ وارْتَحل (صلى الله عليه وسلم).

وَسَمِعَ سُراقةَ بْنَ مَالكٍ بأنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) قَدْ سَلكَ طَرِيقَ السَّاحِلِ, وَكَانَ يَطمَعُ فِي جَائِزَةِ قُريْشٍ, فَركِبَ فَرَسَهُ وَأَخَذَ رُمْحهُ، وانْطلَق فِي طلَبِهمْ, فَلَمَّا قَرُب مِنْهمْ دَعَا النبيُّ (صلى الله عليه وسلم)، فساخَتْ يَدا فَرسِه فِي الأرْضِ، فَعلِمَ أَنَّ ذَلكَ بدُعاءِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) وَأنَّه محفُوظٌ، فَنَادَى بالْأمَانِ وَعَاهَدَ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) أَنْ يردَّ عَنْه الطَّلبَ، فَدَعَا لَهُ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، فخلصَتْ يَدا فرَسِه، فَرجَع وأخَذَ يُخذِّلُ النَّاسَ عَنِ البحْثِ فِي الجهَةِ الَّتي بِها رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم).

كَان الأنْصارُ يخرُجونَ كُلَّ يوْمٍ إِلى مدَاخلِ المدينةِ ينتَظِرُون قُدُومَ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم)، ثُمَّ يَعُودُونَ إِلى منازِلهمْ عِنْدَ اشْتِدَادِ الحرِّ. فلمَّا كَانَ يَومُ الإِثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشَرَ رَبيعِ الأوَّلِ، عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنةً مِن النُّبوَّة, صَاحَ صَائحٌ بقدُومِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فسُمِعَ الصِّيَاحُ وَالتَّكْبِيرُ فِي كُلِّ مَكانٍ، وَخَرَجَ النَّاسُ جَمِيعًا لاسْتِقبَالِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم).

فَنَزَلَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بقُبَاءٍ, وَأسَّسَ مَسْجِد قُبَاءٍ، وَهُو أَوَّلُ مسجدٍ بُنِي في الإسْلَامِ.

ثُمَّ خَرجَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ قُبَاءٍ بعْدَ أَنْ أَقَامَ بِها أَيامًا، وَفي الطَّريقِ أَدركَتْهُ الجمُعةُ، فَصلَّاها بمَنْ مَعَهُ مِنَ المسْلِمِينَ، وَهِيَ أَوَّلُ جُمُعةٍ صَلَّاها النبيُّ (صلى الله عليه وسلم), وَبَعْدَ الصَّلاةِ دَخَلَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) المدينةَ مِنْ نَاحِيتِهَا الجنُوبِيَّةِ, وَمنذُ ذَلكَ اليومِ صَار اسمُها مَدينةَ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم), وَقَدْ عَمَّتِ الفرْحةُ والبهْجةُ أَهلَ المدينةِ بقدُومِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم)، وبذَلِكَ صَارَ للإسْلَامِ دَارُ منعةٍ ينطلِقُونَ مِنْها لتبليغِ رِسالةِ اللهِ إِلى مَشَارِقِ الأرْضِ ومغَارِبِها.

في رحاب السيرة النبوية 20
بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي

الأمين العام المساعد
لرابطة العالم الإسلامي