مكة المكرمة : استنكرت الهيئة العالمية للعلماء المسلمين الإساءة المشينة إلى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، و ذلك في بيان أصدره معالي الشيخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، و رئيس مجلس إدارة الهيئة العالمية للعلماء المسلمين ، و فيما يلي نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
فإن الهيئة العالمية للعلماء المسلمين في رابطة العالم الإسلامي تابعت بقلق ما قام به بعضُ الغلاة المتطرفون من الأقباط في (أمريكا) من إنتاج فيلم مسيء لنبينا محمد عليه الصلاة و السلام بمعونة من المتطرف سام بازيل ، و بدعم من القس المتطرف تيري جونز الذي أحرق نسخًا من المصحف الشريف في وقت سابق.
و إن الهيئة تستنكر هذا العمل المشين، و تعتبره جريمة نكراء لا يجوز السكوت عليها، و حرية التعبير تكون فيما لا يمس الأديان و القيم والمقدسات وفق ما نصت عليه القوانين الدولية، و ما أتُفق عليه في مؤتمرات الحوار بين اتباع الأديان و الثقافات، و ما تضمنته مبادرة الحوار التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله، و رحب بها قادة العالم و مؤسساته.
إن المسلمين اليوم هم خمس سكان العالم، و دولهم ترتبط بعلاقات متميزة مع دول العالم و منها الولايات المتحدة الأمريكية، و ليس من المصلحة إثارتهم بالإساءة إليهم و إلى عقيدتهم و دينهم و نبيهم من قبل فئة متطرفة هدفها إثارة الفتن و تجديد الدعوة إلى الصدام بين الحضارات.
و إن الهيئة لتقدر ما صدر عن الكنيسة القبطية في مصر، و غيرها من مؤسسات الأقباط و دول العالم التي أعلنت بوضوح رفض الإساءة إلى الإسلام و إلى رسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه.
و إذ تؤكد الهيئة على المكانة العظيمة للنبي محمد صلوات الله و سلامه عليه، فإنها تذكِّر بأن أعداء الرسالات و النبوات عبر التاريخ أساءوا إلى الأنبياء و المرسلين، و آخرهم خاتم الأنبياء محمد عليه السلام، صاحب المكانة الرفيعة التي كفل الله سبحانه وتعالى صونها و كف المسيئين إليها : ((إنا كفيناك المستهزئين)) ووعيد الله لهم في قوله : ((إن شانئك هو الأبتر)).
و حرصاً من الهيئة على وقف الإساءات للإسلام و مبلِّغ رسالته محمد عليه الصلاة و السلام، فإنها تطالب بما يلي:
أولاً : محاكمة منتجي الفيلم وفق ما تقتضيه القوانين و الاتفاقات الدولية، وعدم الاكتفاء بالشجب و التنديد، و ذلك لمخالفتهم الصريحة للقرار الذي أصدرته الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بتاريخ 20/3/2008 م بشأن احترام الأديان، وعدم الإساءة إلى الدين الإسلامي، ورفض أي إٍساءة إلى النبي محمد أو تشويه صورته.
ثانياً : دعوة الحكومات و المنظمات الإسلامية في العالم لوضع استراتجية واضحة لمواجهة هذه الإساءات إلى الإسلام و رسوله عليه السلام، و رابطة العالم الإسلامي على استعداد للتنسيق بين المنظمات الإسلامية في هذا الشأن.
ثالثاً : دعوة المسلمين في أنحاء المعمورة للتعمق في دراسة سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و تعليمها لأبنائهم، و الاقتداء به عليه الصلاة و السلام، و أخذ الأسوة منه باتباعه و التخلق بخلقه العظيم: (( و إنك لعلى خلق عظيم)).
رابعاً : دعوة المسلمين إلى البعد عن المواقف المرتجلة و الانسياق وراء ردود الأفعال، والتعامل مع حالات الاستفزاز والإساءة وفق نهج النبي صلى الله عليه و سلم بالرد الحكيم الذي لا يجيز للمسلمين الانفعال الذي يتجاوز الحق، أو الاعتداء على الأنفس والممتلكات والسفارات بغير حق : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى)).
خامساً : إن الإسلام يحرم على المسلمين قتل الأنفس بغير حق ، وهو ما يوجب عليهم عدم الاعتداء على الأنفس : (( أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً )).
وتهيب الهيئة بكل مسلم أن يطبق نهج الإسلام و منهاج خاتم الأنبياء في حياته، وأن ينأى بنفسه عن العدوان على رعايا الدول الأخرى وسفرائها، حتى لا يستغل أعداء الإسلام ردود الأفعال المرتجلة في تشويه الإسلام.
و صلى الله و سلم على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين.