2- الأنبياءُ إخوةٌ إنَّ الأنبياءَ إخوةٌ جميعًا أرسلَهم اللهُ لهدايةِ البشريةِ، وإخراجِها من الظلماتِ إلى النورِ، ولذلكَ جَعَلَ اللهُ تعالى الإيمانَ بالأنبياءِ والرسلِ ركنًا من أركانِ الإيمانِ، قالَ تعالى: [البقرة:136]. فَمَنْ جَحَدَ نبوةَ نبيٍّ واحدٍ فقد كَفَرَ باللهِ وكذَّبَ رُسُلَهُ، ولذلك فلا يكونُ المسلمُ مسلمًا إلَّا إذا آمنَ بجميعِ رسلِ اللهِ وأنبيائِهِ. قالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): «أنا أولى الناسِ بعيسى ابنِ مريمَ في الدنيا والآخرةِ، والأنبياءُ إخوةٌ لِعَلَّات(*)، أمهاتُهم شتَّى، ودينُهم واحدٌ»([i]).
أولادُ العَلَّاتِ هم الإخوةُ لأبٍ منْ أمهاتٍ شتَّى. ومعنى الحديثِ: أصلُ عقيدتِهم وإيمانِهم واحدٌ وهي عقيدةُ التوحيدِ، وشرائعُهم متنوعةٌ، فإنَّهم متفقونَ في أصولِ التوحيدِ، وأما فروعُ الشرائعِ فقد وَقََ فيها التنوع([ii]).
ومن تعظيمِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) للأنبياءِ نهيُهُ عن التفضيلِ بينهم:
فعن أبي هريرةَ ت قالَ: بينما يهوديٌّ يعرضُ سلعتَهُ، أُعطيَ بها شيئًا كرههُ، فقالَ: لا والذي اصطفى موسى على البشرِ، فسمِعَهُ رجلٌ من الأنصارِ، فقامَ فلطمَ وجههُ وقالَ: تقولُ: والذي اصطفى موسى على البشرِ والنبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بين أظهرِنا. فذهبَ اليهوديُّ إلى النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فقالَ: أبا القاسمِ! إنَّ لي ذمةً وعهدًا، فما بالُ فلانٍ لطمَ وجهي؟ فقالَ (صلى الله عليه وسلم): «لم لطمتَ وجهَهُ؟» فذكرَهُ، فغضبَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) حتى رُئي في وجههِ، ثم قالَ: «لا تُفضِّلوا بين أنبياءِ اللهِ»([iii]).
وعن أنسِ بن مالكٍ ت قالَ: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فقالَ: يا خيرَ البريةِ. فقالَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): «ذاكَ إبراهيمُ عليه السلامُ»([iv]).
وقالَ (صلى الله عليه وسلم): «لا ينبغي لعبدٍ أنْ يقولَ: أنا خيرٌ من يونسَ بن متَّى»([v]).
وقيلَ: يا رسولَ اللهِ من أكرمَ الناسِ؟ قالَ: «أتقاهم»، قالوا: ليسَ عن هذا نسألُكَ. قال: «فيوسفُ نبيُّ اللهِ ابنُ نبيِّ اللهِ ابنُ نبيِّ اللهِ ابنُ خليلِ اللهِ». قالوا: ليسَ عن هذا نسألُكَ. قالَ: «فعن معادنِ العربِ تسألوني، خيارُهم في الجاهليةِ خيارُهم في الإسلامِ، إذا فقُهوا»([vi]).
* * *
------------------------------
(*) إخوة لِعلَّات: أبوهم واحد، والأمهات متعددة.
------------------------------
1- رواه البخاري (3187)، ومسلم (4362).
2- شرح صحيح مسلم للنووي (15/119).
3- رواه البخاري (3162).
4- رواه مسلم (4367).
5- رواه البخاري (3144)، ومسلم (4381).
6- رواه البخاري (3144)، ومسلم (4383).