Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          ليس من السنة:

عن أنس بن مالك   رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يطرق أهله ليلا . وكان يأتيهم غدوة أو عشية رواه مسلم  .(لايطرق : لايأتي ليلاً من سفر)

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
al_mawsuaa_maysira.jpg

كان محمد (صلى الله عليه وسلم) يفي بعهده، ولم يُعرف عنه في حياته أنه نقض عهدًا قطعه على نفسه.وقد أكد القرآن على رعاية العهود التي يبرمها المسلمون مع المخالفين لهم، فجاء في سورة التوبة قوله تعالى:  (التوبة: 4).وذمَّ القرآن الذين ينقضون العهود مع الآخرين: (الأنفال: ٥٦).وحتى حين يصل الأمر بمحمد (صلى الله عليه وسلم) أن يخاف الخيانة من قوم، وتبدر له منهم مؤشرات على ذلك، فهذا لا يبرر له نقض العهد،ويوجب عليه أن يشعرهم بذلك، كما جاء في سورة الأنفال:  (الأنفال: ٥٨).والوفاء بالعهد والالتزامات لدى محمد (صلى الله عليه وسلم) تبدأ من الالتزامات المحدودة المتعلقة بالتعامل مع الآخرين، كما تبدو في هذا الموقف:

فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ابتاع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من رجلٍ من الأعراب جزورًا أو جزائر بوسقٍ من تمر الذخرة، وتمر الذخرة: العجوة، فرجع به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى بيته، والتمس له التمر فلم يجده، فخرج إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له: «يا عبد الله: إنا قد ابتعنا منك جزورًا أو جزائر بوسقٍ من تمر الذخرة، فالتمسناه فلم نجده». فقال الأعرابي: وَاغَدْرَاه. قالت: فنهمه الناس وقالوا: قاتلك الله أيغدر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالاً».ثم عاد له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : «يا عبد الله، إنا ابتعنا منك جزائرك، ونحن نظن أن عندنا ما سمينا لك فالتمسناه فلم نجده». فقال الأعرابي: وَاغَدْرَاه. فنهمه الناس وقالوا: قاتلك الله، أيغدر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالاً، فردد ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرتين أو ثلاثًا.

فلما رآه لا يفقه عنه قال لرجلٍ من أصحابه: «اذهب إلى خويلة بنت حكيم بن أمية فقل لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لك: إن كان عندك وسقٌ من تمر الذخرة فأسلفيناه حتى نؤديه إليك إن شاء الله». فذهب إليها الرجل ثم رجع الرجل، فقال قالت: نعم هو عندي يا رسول الله فابعث من يقبضه.فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للرجل : «اذهب به فأوفه الذي له». قال: فذهب به فأوفاه الذي له. فمر الأعرابي برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو جالسٌ في أصحابه فقال: جزاك الله خيرًا فقد أوفيت وأطيبت. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «أولئك خيار عباد الله عند الله يوم القيامة الموفون المطيبون» ([1]).لقد راعى محمد (صلى الله عليه وسلم) طبيعة هذا الرجل، وتفهم إصراره على حقه، وأن هذا الإصرار قد قاده إلى قدر من الجفاء والغلظة في التعامل مع محمد (صلى الله عليه وسلم)،فأوفاه، واحتمل جفاءه، ولما رأى أنه لم يعِ عدم قدرة محمد (صلى الله عليه وسلم) سعى إلى حل الأمر والمشكلة.

ويلتزم محمد (صلى الله عليه وسلم) الوفاء مع المخالفين حتى وهو يتعامل مع أتباعه والمستجيبين له؛ فلا يقبل منهم أن يخلّ بعهد التزم به،عن أبى رافع  قال: بعثتني قريش إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألقي في قلبي الإسلام. فقلت: يا رسول الله! إني والله لا أرجع إليهم أبدًا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع». قال: فذهبت ثم أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأسلمت ([2]).كان بإمكان محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يقبل بقاء هذا الرجل لديه، وهو لو فعل ذلك لم ينقض عهدًا، فالرجل هو الذي اختار بنفسه هذا القرار، لكنه لم يفعل ذلك بل تركه ليعود إن أراد من تلقاء نفسه بعد انتهاء مهمته.وحين أتى محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة يريد العمرة، صدته قريش ودار بينه وبينهم مفاوضات لأجل الصلح،وقال حينها: «والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها».وكان مما شرطوه عليه: أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك، إلا رددته إلينا.

فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين أَظْهُر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : «إنا لم نقض الكتاب بعدُ». قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا. قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : «فأَجِزْه لي». قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: «بلى فافعل».قال: ما أنا بفاعل.فرده إليهم محمد (صلى الله عليه وسلم).ثم رجع النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المدينة فجاءه أبو بصير - رجل من قريش -  وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا. فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا.

فاستله الآخر فقال: أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به ثم جربت.فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه. فأمكنه منه فضربه حتى برد. وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين رآه: «لقد رأى هذا ذعرًا». فلما انتهى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: قَتَل والله صاحبي، وإني لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد والله أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم ([3]). ومع ذلك لم يستقبله محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ وفاءً لهم بما اشترطوا عليه في صلح الحديبية.وحتى حين يكون محمد (صلى الله عليه وسلم) في موطن القتال، ويحتاج إلى الرجال المقاتلين، فإنه لا يفعل ذلك على حساب العهود التي التزمها مع عدوه، يروي لنا أحد أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) هذا الموقف، وهو حذيفة بن اليمان، فيقول: ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت أنا وأبو حسيل، قال: فأخذنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمدًا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لَنَنْصَرِفَنَّ إلى المدينة. ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبرناه الخبر، فقال: «انصرفا نَفِي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم» ([4]).

شهادة أعدائه بوفائه (صلى الله عليه وسلم):

دلائل وفاء محمد (صلى الله عليه وسلم) بالعهود لا تنتهي عند المواقف والأحداث التي كان يفي فيها بما التزمه، بل قد شهد له أعداؤه بأنه يفي بالعهود ولا يغدر،فحين لقي هرقل أبا سفيان - وكان أبو سفيان لازال على عداوته لمحمد (صلى الله عليه وسلم) - سأل هرقلُ أبا سفيان عن محمد (صلى الله عليه وسلم) عددًا من الأسئلة، كان مما سأله فيه قوله: فهل يغدر؟

قال أبو سفيان: قلت لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئًا غير هذه، أي لم أتمكن من كلمة تعطيه صورة سيئة عن محمد (صلى الله عليه وسلم) غير هذه الكلمة .

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) أخرجه أحمد (25780).
([2]) أخرجه أحمد (23345) .
([3]) أخرجه البخاري (2734).
([4]) أخرجه مسلم (1787).