Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          لم يكن من عادة النبي (صلى الله عليه وسلم) الركوب دائماً، بل كان كثير المشي، وكان مشيه مشي أهل الجد والعزم، وفي الصحيحين: كان يأتي مسجد قباء راكباً وماشياً فيصلي فيه ركعتين. ومن فوائد المشي: تحسين اللياقة، وتنظيم ضربات القلب، وتحسين التنفس، والتخلص من الوزن الزائد، وتليين العضلات وتقويتها، ويسهم في منع تكلس المفاصل، ويخفف من التوتر.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m006.jpg

حال المريض كما أن لها شأناً في الأحكام الشرعية فإن لها نصيباً في التعامل والأخلاق الاجتماعية؛ لما يعانيه المريض من آلام وهموم ومعاناة، فجاءت هذه النصوص تُرسمُ المنهجَ الأمثلَ في التعامل مع المريض.

عن أبي موسى (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " فكُّوا العاني (يعني الأسير)، وأطعموا الجائعَ، وعُودوا المريضَ " ([1]).

مظهر الرحمة:

قوله: (عودوا المريض) لأن مرضه أجلسه فلا يرى أحداً سوى أهله، فمن الرحمة به أن يزوره الناس، ويُدخِلوا عليه السرور بالدعاء والرقية، وقضاء الحوائج، واستماع الشكوى.. وإذهاب الغربة والوحدة، وهذا مظهر من مظاهر الرحمة به.

وعن أم سلمة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون. قالت: فلما مات أبو سلمة أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت: يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات. قال: قولي اللهمَّ اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنةً. قالت: فقلت، فأعقبَني الله من هو خيرٌ لي منه محمداً (صلى الله عليه وسلم)" ([2]).

مظهر الرحمة:

حال المريض أو المحتضر من أشدِّ حالات الضيق والكرب، إذ يقرب منه كل شيء، وقد تسوء نفسيَّتُه بحيث لا يطيق أحداً أو ذكرى فكان من رحمته (صلى الله عليه وسلم) بالمريض أن وجَّه العائد أن لا يقول عنده إلا خيراً؛ لئلا يفرط منه كلام يندم عليه أو يقبض عليه، حتى أنه إذا نطق الشهادتين فإنه لا ينبغي طلبها منها أخرى، ما لم يتحدَّث بعدها بحديث الناس؛ لأن الطلب فيه إزعاج أو إشعار له بالنهاية، وهذا يعذِّب الإنسان إذا نعي إلى نفسه.

وعن سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) قال: " تشكَّيت بمكة شكوى شديدة فجاءني النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يعودُني...ثم وضع يده على جبهتي، ثم مسح يدَه على وجهي وبطني، ثم قال: اللهم اشف سعدا وأتمم له هجرته. فما زلت أجد برده على كبدي - فيما يخال إليَّ - حتى الساعة" ([3]).

مظهر الرحمة:

فيه من المعاني: الرفقُ والتلطُّفُ بالمسح على المريض، والدعاء له بما يحب من الأعمال الصالحة.

وعن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما– قال: "اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه النبي (صلى الله عليه وسلم) يعودُه مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعودٍ –رضي الله عنهم–، فلما دخل عليه فوجدوه في غاشية أهله (الذين يغشونه للخدمة). فقال: قد قضى؟ قالوا: لا يا رسول الله. فبكى النبُّي (صلى الله عليه وسلم)، فلما رأى القومُ بكاء النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بكوا. فقال: "ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذِّبُ بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذَّب بهذا – وأشار إلى لسانه - أو يرحم . وإنَّ الميت يعذَّب ببكاء أهله عليه " ([4]).

مظهر الرحمة:

العيادة من الرحمة كما سبق. ثم بكاء النبي (صلى الله عليه وسلم) دليل رحمته بسعد (رضي الله عنه)، وبيَّن (صلى الله عليه وسلم) أن هذه الدموع والحزن من المباح شرعاً؛ لأنها حقٌّ للميت وللحيِّ، وإنما النهي عن الصُّراخ والعويل.. فكم في الدُّموع من مواساة، وكم فيها من تنفيس لذات الإنسان.

وعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنها قالت: لما وقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بذي طوى (قادماً لفتح مكة) قال أبو قحافة (أبو أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)) لابنة له من أصغر ولده: أي بنية اظهري بي على أبي قبيس (جبل بمكة) قالت وقد كفَّ بصرُه، قالت: فأشرفت به عليه فقال: يا بنية ماذا ترين؟ قالت: أرى سواداً مجتمعاً. قال: تلك الخيل. قالت: وأرى رجلاً يسعى بين ذلك السواد مقبلاً ومدبراً. قال: يا بنية ذلك الوازع يعني الذي يأمر الخيل ويتقدَّم إليها. ثم قالت: قد والله انتشر السواد. فقال: قد والله إذا دفعت الخيلُ فأسرعي بي إلى بيتي، فانحطت به وتلقَّاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته،. .. قالت فلما دخل رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) مكة، ودخل المسجد أتاه أبو بكر بأبيه يعوده، فلما رآه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: هلاَّ تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه. قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحقُّ أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه. قال: فأجلسه بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: أسلم. فأسلم " ([5]).

مظهر الرحمة:

رحمته (صلى الله عليه وسلم) بكبير السنِّ حتى قبل أن يسلم حين أبدى رغبته في أن يكون هو الذي يذهب إليه في بيته، وكم في هذا من الحفاوة بأبي بكر وأبيه، وكل من يعرف حق الكبير من الناس.. ثم مسحُه صدرَه وطلبُه إسلامَه كلُّها صور تتجلَّى فيها الرحمة.

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) البخاري، ح (2881).

([2]) مسلم، ح (919).

([3]) البخاري، ح (5335).

([4]) البخاري، ح (1242)، مسلم، ح (924).

([5]) أحمد في المسند، ح (27001) 6/349، وصححه الألباني، السلسلة الصحيحة، ح (496).