Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

من صور تعامله صلى الله عليه وسلم مع زوجاته أنه في غزوة المريسيع _بني المصطلق_ أوقف الجيش كله؛ لأن عقداً لعائشة انفرط منها فهي تجمع حباته من بين الرمال.

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
m035.jpg

أما رحمته (صلى الله عليه وسلم) بأصحابه وأمته فلا ترى يوماً من أيام حياته المباركة إلا وتجد فيه مظاهرجديدة لهذه الرحمة الواسعة.

يقول تعالى: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك[1].

قال سيد قطب يفسر هذه الآية:

فهى رحمة الله التى نالته ونالتهم، فجعلته  (صلى الله عليه وسلم)  رحيماً بهم، ليناً معهم. ولو كان فظّا غليظ القلب ما تألفت حوله القلوب، ولا تجمّعت حوله المشاعر. فالناس فى حاجة إلى كنف رحيم، وإلى رعاية فائقة، وإلى بشاشة سمحة، وإلى ود يسعهم، وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم، فى حاجة إلى قلب كبير يعطيهم، ولا يحتاج منهم إلى عطاء، ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمّه، ويجدون عنده دائم الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء.. وهكذا كان قلب رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) ، وهكذا كانت حياته مع الناس، ما غضب لنفسه قطّ، ولا ضاق صدره لضعفهم البشري، ولا احتجز لنفسه شيئاً من أعراض هذه الحياة، بل أعطاهم كل ما ملكت يداه فى سماحة ندِيّـة، ووسعهم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم، وما من واحد منهم عاشره أورآه اِلاّ امتلأ قلبه بحبه، نتيجة لما أفاض عليه  (صلى الله عليه وسلم)  من نفسه الكبيرة الرحيبة.[2]

كان يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما فى الناس، لا يطوي على أحد منهم بشره وخلقه، يعطى كل جلسائه بنصيبه، لا يحسب أحد أن أحداً أكرم عليه منه.قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أباً.[3] يضحك مما يضحكون ويتعجب مما يتعجون. ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام[4].

كان يساعدهم فى أعمالهم بنفسه. ويكون أقوى ساعد لهم حتى في الأعمال الشاقةمن الحفروالبناءوالاحتطاب،يقول البراءt : كان رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  يوم الأحزاب ينقل معنا التراب[5] وهكذا فى جميع المناسبات.

إذا رأى أنه أغضب أحداً من أصحابه أحسن إليه ليذهب أثر الغصب.كماوقع لأسيدبن حضيروعبادبن بشررضي الله عنهما. عن أنسt: أن اليهود كانواإذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها و لم يجامعوهن في البيوت،فسأل أصحاب النبي  (صلى الله عليه وسلم)  النبي  (صلى الله عليه وسلم) ، فأنزل الله تعالى: ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (البقرة: ٢٢٢ (

فقال رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) : "اصنعوا كل شيءٍِ إلا النكاح: فبلغ ذلك اليهودفقالوا:ماريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاإلا خالفنا فيه,فجاء أسيد بن حضير و عباد بن بشر فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول كذا و كذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي  (صلى الله عليه وسلم) ، فأرسل في آثارهما، فسقاهما. فعرفا أن لم يجد عليهما.[6]

ومن رحمته  (صلى الله عليه وسلم) بأصحابه أنه إذا بعث أحداً منهم لأمر تعاهد أهله بالخدمة. كما ذكرت ابنة خباب بن الأرت t: خرج أبي في غزاة فى عهد رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) ، فكان رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  يتعاهدنا فيحلب عنـزاً لنا، فكان يحلبها فى جفنة لنا فتمتلئ، فلما قدم خباب حلبها فعاد حلابها كما كان.[7]

ومن رحمته (صلى الله عليه وسلم)  بهم أنه إذا أصاب أحداً منهم جهد أو جوع ذهب به إلى بيته فأطعمه وسقاه كما يذكر أبوهريرة t.[8]

ومن رحمته  (صلى الله عليه وسلم) بهم أن لا يأمرهم بأمر يشق عليهم. وسوف يأتى بعض ذلك.

ومن رحمته (صلى الله عليه وسلم)  بهم أنه يعود أحدهم إذا مرض ولو كان من الأعراب.وقع في ذلك أحاديث.منهامايري ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم)  دخل على أعرابي يعوده. وكان إذا دخل على مريض يعوده قال: لا بأس طهور إن شاء الله[9].

وعن أسامة بن زيدرضي الله عنهما: أن النبي  (صلى الله عليه وسلم) ركب على حمار على إكاف على قطيفة فدكية[10] و أردف أسامة وراءه، يعود سعد بن عبادة قبل وقعة بدر[11].

وعن جابرt قال: جاءني النبي  (صلى الله عليه وسلم) يعودني[12].

وعن زيدبن أرقمرضي الله عنهما قال: عادني رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  من وجع كان بعينيّ [13].

وعن عائشة رضى الله عنهاقالت : لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، رماه رجل من قريش، يقال له حبان بن العَرِقة، رماه في الأكحل.فضرب النبي  (صلى الله عليه وسلم) خيمة في المسجد، ليعوده من قريب. [14]

ومن رحمته (صلى الله عليه وسلم)  بهم أنه إذا زاره أحد من أصحابه وظن أنه اشتاق إلى اهله, رجعه. يقول مالك بن الحويرث رضي الله عنه: أتينا رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة, فظن أنا قد اشتقنا أهلنا، وسألنا عمن تركنا فى أهلنا، فأخبرناه وكان رحيماً رفيقاً فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فعلموهم ومروهم. وصلوا كما رأيتموني أصلي، وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم.[15]

ومن رحمته (صلى الله عليه وسلم)  بهم أنه كان يلتمس العذر لأصحابه إذا ارتكبوا أخطاء, حتى ولو كان كان هذا الخطأ جسيماً وفى ظروف حرب لا يلتمس فيها المعاذير لمن يرتكب خطأً. ولا سيما إذا كان هذا الخطأ قد يسب فشلاًلخطةعسكرية أحكم نسجها. فقد التمس العذر لحاطب بن أبي بلتعة حين وقع له ما وقع فى غزوة الفتح. عن عليt يقول: بعثني رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  أنا والزبير والمقداد بن الأسود , وقال:"انطلقواحتى تأتواروضةخاخ فإن بها ظعينة,ومعهاكتاب فخذوه منها". فانطلقنا تعادى بنا خيلنا , حتى انتهينا إلى الروضة , فإذا نحن بالظعينة , فقلنا: أخرجي الكتاب , فقالت:ما معي من كتاب , فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب , فأخرجته من عقاصها,فأتينا به رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  فإذا فيه :من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة , يخبرهم ببعض أمر رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) :"يا حاطب ما هذا"؟ قال: يا رسول الله! لا تعجل عليّ , إني كنت امرأً ملصقا في قريش , ولم أكن من أنفسها , وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة , يحمون بهاأهليهم وأموالهم , فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم, أن أتخذعندهم يداً يحمون بهاقرابتي,ومافعت كفراً ولا ارتداداً ,ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام , فقال رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  : "لقد صدقكم" . فقال عمر t: يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذاالمنافق ,قال : "إنه قد شهد بدرا , وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم".[16]

وكان يرحمهم ويرفق بهم ويرق لهم حتى فى إقامةحدودالله. كماوقع لماعزبن مالك الأسلمي.يأتيه ويقول له يارسول الله!إني أصبت حدّاًفأقمه عليَّ،طَهِّرنى.أتيه مرةبعدمرة،كل ذلك يعرض عنه النبي  (صلى الله عليه وسلم)  .

عن بريدة tقال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي  (صلى الله عليه وسلم) . فقال: يا رسول الله! طهرني,فقال:"ويحك , ارجع فاستغفر الله وتب إليه " قال : فرجع غير بعيد . ثم جاء فقال : يا رسول الله ! طهرني . فقال رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) : "ويحك , ارجع فاستغفر الله وتب إليه " قال: فرجع غير بعيد .ثم جاء فقال : يارسول الله ! طهرني فقال النبي  (صلى الله عليه وسلم)  مثل ذلك,حتى إذا كانت الرابعة قال له رسول الله  (صلى الله عليه وسلم) : "فيم أطهرك ؟" فقال : من الزنى, فسأل رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  : "أبه جنون" ؟ فأخبر أنه ليس بمجنون, فقال : "أشرب خمرا؟" فقام رجل فاستنكهه فلم يجدمنه ريح خمر,قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)  "أزنيت ؟" فقال : نعم, فأمر به فرجم . فكان الناس فيه فرقتين : قائل يقول : لقد هلك,لقد أحاطت به خطيئته, وقائل يقول : ما توبة أفضل من توبة ماعز ؛ أنه جاء إلى النبي  (صلى الله عليه وسلم)  فوضع يده في يده ,ثم قال : اقتلني بالحجارة, قال : فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة ,ثم جاء رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  وهم جلوس فسلم ثم جلس, فقال : "استغفروا لماعز بن مالك " . فقالوا : غفر الله لماعز بن مالك , قال : فقال رسول الله  (صلى الله عليه وسلم)  : "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم "[17].وفي روايةلأبي داود: فأقبل في الخامسة,فقال:أنِكِتها؟غاب ذلك منك فى ذلك منها؟ كما يغيب المرود فى المكحلة والرشاء فى البئر؟ هل تدري ما الزنا؟ فى كل ذلك يقول ماعز: نعم، وقال أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من امرأته حلالاً. بعد هذا الاعتراف الصريح يقول له  (صلى الله عليه وسلم)  : فما ذا تريد بهذا القول؟ قال أريد أن تطهرنى. بعد ذلك أمر به فرجم[18].

وكما وقع لامرأة من جهينة[19].

هذا باب واسع. وبالجملة أنه كان لهم كالوالد كما قال هو نفسه: إنما أنا لكم مثل الوالد.[20]

--------------------------------------------------------------------------------

[1] آل عمران: 159

[2] في ظلال القرآن 1/500-501

[3] الشمائل للترمذى رقم 321.

[4] نفس المصدر رقم 336.

[5] مسلم رقم 1803

[6] انظر صحيح مسلم 302

[7] مصنف ابن ابى شيبه 11/495 وطبقات ابن سعد 8/290-291, وإسناده صحيح على شرط الشيخين

[8] البخارى 5375 .

[9] البخاري رقم 5663

[10] الإكاف: البرذعة،وهي ما يوضع على الحمار أو البغل ليركب عليه كالسراج للفرس . قطيفة فدكية: كساء غليظ منسوب إلى فدك بفتح الفاء والدال، وهي بلد مشهور على مرحلتين من المدينة (الفتح 8/286)

[11] البخاري رقم 5663.

[12] البخاري رقم 5664.

[13] أحمد 4/275، و أبو داؤد، رقم 3102، و هذا حديث صحيح على شرط مسلم.

[14] البخاري 4122 ومسلم 1769، و أبوداؤد رقم 3101

[15] البخارى رقم 628 و 6008

[16] صحيح البخاري رقم 3007 ورقم 4274 .

[17] صحيح مسلم رقم (1695)

[18] انظر سنن أبى داؤد رقم 4428.

[19] انظر صحيح مسلم 1696 وسنن أبى داؤد 4442.

[20] رواه الدارمي 1/182رقم 674 وابن ماجه رقم 313, و قدتقدم في آخرالباب الرابع .