ليسوا قليلين أولئك الذين طُمِس على قلوبهم فلم يعودوا يبصرون النور، ولم يعودوا يرون الشمس.. فلا تراهم إلا وقد قَلَبوا الحقائق أباطيل، وبدَّلوا المحامد مثالب؛ يريدون بذلك الوصول إلى مأربهم في تشويه صورة الإسلام وتزييف حقائقه، والنيل من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ..
وقد قال الشاعر[1] يومًا:
قد تُنْكِرُ العينُ ضوءَ الشمسِ من رَمَدٍ
فبعد ما رأينا من صور وآثار رحمته صلى الله عليه وسلم البادية في كل شيء ولكل شيء.. إلا أن أعداء الإسلام - كعادتهم - شنوا الحملات الضارية التي تهدف إلى التشكيك في نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم والنَّيْل منه؛ يريدون بذلك الإسلام نفسه، منتحلين في هذا الصدد سبيل الأكاذيب والأباطيل وقلب الحقائق.. فتناولوا سيرته صلى الله عليه وسلم بالثَّلْب والتجريح تارة، والكذب والتدليس تارة أخرى!!
ولا شك أن هذا هو من قبيل الجهل بنبي الإسلام خاصة، وبالدين الإسلامي بصفة عامة، أو هو من قبيل دافع الحقد والكراهية للإسلام والمسلمين بدون وجه حق..
وفي الصفحات التالية - بمشيئة الله - نتناول أبرز هذه الشبهات المثارة والردود الشافية عليها، وقد جاء ذلك في فصلين:
الفصل الأول: شبهات تختص بالعنف والإرهاب والحروب
الفصل الثاني: شبهات عامة لها علاقة بمسألة الرحمة
------------------------------
[1] هو محمد بن سعيد بن حماد البوصيري، شرف الدين أبو عبد الله (608 - 696هـ)، نسبته إلى بوصير من أعمال بني سويف بمصر. شاعر حسن الديباجة، مليح المعاني. له ديوان شعر، وأشهر شعره البردة، والهمزية. توفي بالإسكندرية. الأعلام 6/ 139.
[2] قصيدة البردة للبوصيري.