Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-        حرمة المسلم:

عن أبي موسى عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل، فليمسك على نصالها بكفه، أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء). متفق عليه. قال الحافظ ابن حجر: في الحديث إشارة إلى تعظيم قليل الدم وكثيره وتأكيد حرمة المسلم .

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
arrahma.jpg

أيها الناس..يا من تعيشون في مشارق الأرض ومغاربها..

إنه ليس في مقدورنا ولا من وظيفتنا أن نجعلكم مسلمين..  إنما الذي نملكه وأُمِرْنَا به أن نصل برسالتنا إليكم بيضاء نقية، ثم نترك لكم الأمر في حرية تامة.. "قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا[1]".

ونحن على يقين أن هناك يومًا سيحكم فيه ربنا بيننا بالحق، وسيعلم الجميع حينئذ، من الذي أصاب، ومن الذي أخطأ، ومن الذي أتبع الهدي، ومن كان في ضلال مبين.."إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ[2]"

أما نداءي الرابع والأخير فهو إلى نبي الرحمة، ومتمم الأخلاق رسول الله محمد r  !

عذرًا يا رسول الله!

عذرًا إن كنا نجهل الكثير الكثير عن حياتك وسيرتك, فالإحاطة بها أمر مستحيل, ولكن عزاءنا أننا نحاول، ونحاول، ونقرأ، ونبحث، ونجمع، ونحفظ، ونسأل الله العون والتأييد.

عذرًا يا رسول الله, إن كنا قد قصَّرنا في الكثير من سننك, فليس هذا أبدًا تقليلاً من شأنها, أو إهمالًا لقدرها، فإنا والله نعلم أن الخير كل الخير فيها, والرحمة كل الرحمة في باطنها, ونَعِدُك أن نأتي منها كما أمرتنا ما استطعنا, ونَعِدُك أن ندرب أنفسنا، وأزواجنا، وأولادنا، وإخواننا، وكل أهلنا، ومن وصلنا إليه من أتباعك وأحبابك على تطبيقها وأتباعها, والتحلِّى بها.

عذرًا يا رسول الله إن كانت تمر علينا أيام فلا نذكر طرفًا من سيرتك, ولا موقفًا من مواقفك, ولا حديثًا من أحاديثك, فإنَّا - ولا حول ولا قوة إلا بالله - قد شغلتنا أموالنا وأهلونا عن تذكر كلماتك العطرة، وتوجيهاتك الحكيمة, وليس هذا والله نفاقًا ولا جحودًا، ولكنَّه تقصير نرجو له تداركًا إن شاء الله، وخطأ نرجو له إصلاحًا إن شاء الله, فنحن - والله - نذوب حبًا فيك, بل نحب الثرى الذي مشيت عليه, والديار التي سكنت بها, والبلاد التي عشت فيها, ولا نصبر على فراقك والبعد عنك, وأملنا أن نلقاك على الحوض إن شاء الله.

عذرًا يا رسول الله إن جهل عليك بعض الجاهلين من أبناء أمتك فتطاولوا عليك باعتراض, أو تهجموا عليك بشبهة, فهذا الجهل منهم لا يُقلِّل إلا من شأنهم هم, ولا يحط إلا من قدرهم هم, وحِلْمُك-كما نعلم- أوسع من جهلهم, وعِلْمُك أشمل من علمهم, وما جرَّأهم عليك إلا سوء تربيتهم، وفساد مناهجهم, وجريهم وراء كل غربي, وفتنتهم بشركائهم من الجنِّ والإنس, وسوف يعلمون في يوم قريب مَنْ السعيد ومَنْ الشقي, ومَنْ الذي يُرَحَّب به ويُسقى من حوضك، ومَنْ الذي يُقال له: سُحْقًا سُحْقًا.

 

عذرًا يا رسول الله, إن كانت أمتك الآن ليست على الصورة التي تحب, وليست في المكانة التي تريد, فهذه تراكمات سنين, وأخطاء أجيال, ولكن عزاءنا أننا عدنا بفضل الله إلى جادة الطريق, فقامت الصحوة الإيمانية، وازدهرت الدعوة الإسلامية, وحرص الكثير من أبناء أمتك الآن على تدارك ما فاتهم, واللحاق بركب الصالحين، ولا نشك أن هذا طريق العزة لهذه الأمة, فنحن فيه إن شاء الله سائرون, صابرون, مجاهدون، وبشارتك لنا تُثبِّت أقدامنا، "لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ[3]"..

نسأل الله أن نكون منهم.

نسأل الله عز وجل أن يشفِّعك فينا, وأن ييسِّر لنا أن نشرب من يدك يوم القيامة شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدًا, وأن يجعلنا ممن يدخلون الجنة معك, ويُرفعون إلى صحبتك, فقد بشرتنا أن المَرْءَ يُحْشَرُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ[4]، ونحن والله نحبك, ونحب أصحابك, وإن لم نعمل بأعمالكم.

نسأل الله أن يغفر لنا تقصيرنا, وأن يستر عيوبنا, وأن يكفر عنا سيئاتنا, وأن يرفع لنا درجاتنا, وأن يجعلنا مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

وختامًا..

لا أشك في أن الكثير والكثير مما يجب أن يُضَمَّ إلى هذا البحث لم أُفْلِح في ضمِّه، إما لضيق الوقت، أو خوفًا من التَّكرار، أو سهوًا عن حادثة، أو جهلاً بأخرى..  وعذري أنني بشر، ومن طبيعة البشر النقصان..  وما أجمل ما قاله الشافعي[5] رحمه الله - وأحب أن أختم به بحثي - وذلك عندما راجع كتابه الرسالة[6] ثمانين مرة، ثم قال لتلميذه المزني[7] في النهاية: "هيه.. أبى الله أن يكون كتابٌ صحيحٌ غيرَ كتابه"[8].

وصل اللهم وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين..


[1]   (الإسراء: 107).

[2]   (يونس: 93).

[3]   البخاري: كتاب المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم النبي   r   آية (3442) واللفظ له، ومسلم: كتاب الإمارة، باب قوله   r  : لا تزال طائفة من أمتي (1920).

[4]   انظر: البخاري: كتاب الأدب، باب علامة الحب في الله عز وجل (5816).

[5]   الإمام الشافعي هو أبو عبد الله محمد بن إدريس القرشي، ولد عام 150هـ، وهو ثالث المجتهدين، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، واليه نسبة الشافعية كافة. وهو أول من دوَّن علم أصول الفقه، قال أحمد بن حنبل: كان الشافعي كالشمس للنهار، وكالعافية للناس، وإني لأدعو له في أثر صلاتي، وقد مات بمصر سنة 206هـ.

[6]   كتاب الرسالة: هو كتاب أصول الفقه الشافعي، وهو أول كتاب ألف في أصول الفقه بل وأول كتاب ألف في أصول الحديث أيضا. ورغم كونه كتاب فقه إلا أنه كتاب لغة وأدب وثقافة أيضا وذلك أن الشافعي اشتهر بأدبه وبلاغته. وتعتبر كتب أصول الفقه والحديث عالة على هذا الكتاب.

[7] المزني هو أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني: كان فقيها عالمًا عابدًا عارفًا بوجوه الجدل، حسن البيان. قال عنه الشافعي، وهو في سن الحداثة: "لو ناظر المزني الشيطان لقطعه"، كما قال فيه الشافعي:"ناصر مذهبي" له في مذهب الشافعي كتب كثيرة منها: المختصر، والمختصر الصغير.

[8] حاشية ابن عابدين: 2/27.