Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          من تمام محبتنا لأهلنا وأبنائنا وبناتنا أن ندعوهم إلى إحياء هذه الليالي الشريفة بالقيام إقتداء بنبينا الكريم ونصرة له ولرسالته في أنفسنا وأهلينا فقد كان إذا دخلت العشر يحيي ليله ويوقظ أهله للصلاة.                                   

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية

في شرح النووي على مسلم رحمهما الله تعالى:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ:
كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، وَفَزِعْنَا، فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَة ٍـ وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ ـ فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ: " أَبُو هُرَيْرَةَ؟! ". فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: " مَا شَأْنُكَ؟ ". قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مِنْ فَزِعَ، فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي.
فَقَالَ: " يَا أَبَا هُرَيْرَةَ " ـ وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ ـ قَالَ: " اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ ".
فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ. فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟!.

فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَنِي بِهِمَا مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَخَرَرْتُ لِاسْتِي، فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً، وَرَكِبَنِي عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟! "، قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ، فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي، قَالَ ارْجِعْ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: " يَا عُمَرُ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟! "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ: أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ؟!. قَالَ: " نَعَمْ! ". قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَخَلِّهِمْ ".
قَوْله: وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَع دُونَنَا. أَيْ: يُصَاب بِمَكْرُوهِ مِنْ عَدُوّ إِمَّا بِأَسْرٍ وَإِمَّا بِغَيْرِهِ.
قَوْله: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. مَعْنَاهُ: أَنْتَ مُفَدًّى، أَوْ: أَفْدِيك بِأَبِي وَأُمِّي.
وهنا مثال من حب أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم:
فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ
في شرح النووي على مسلم، رحمهما الله تعالى:
... قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه:
لَمَّا خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، مَرَرْنَا بِرَاعٍ، وَقَدْ عَطِشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَحَلَبْتُ لَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ.

وَقَوْله: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيَت. مَعْنَاهُ: شَرِبَ، حَتَّى عَلِمْت أَنَّهُ شَرِبَ حَاجَته وَكِفَايَته.
نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ:
في شرح النووي على مسلم، رحمهما الله تعالى:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ:
لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ، انْهَزَمَ نَاسٌ مِنْ النَّاسِ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُجَوِّبٌ عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا، شَدِيدَ النَّزْعِ، وَكَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا!.
قَالَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ الْجَعْبَةُ مِنْ النَّبْلِ، فَيَقُولُ: انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ.
قَالَ: وَيُشْرِفُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ. فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! لَا تُشْرِفْ، لَا يُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ!. نَحْرِي دُونَ نَحْرِكَ.
قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ ـ الصدّيقة بنت الصّديق رضي الله عنها وعن أبيها ـ وَأُمَّ سُلَيْمٍ ـ رضي الله عنها ـ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُلَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ. ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلَآَنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ. وَلَقَدْ وَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدَيْ أَبِي طَلْحَةَ إِمَّا مَرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثًا مِنْ النُّعَاسِ.
قَوْله: مُجَوِّب عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ. أَيْ: مُتَرِّس عَنْهُ لِيَقِيَهُ سِلَاح الْكُفَّار. قَوْله: كَانَ أَبُو طَلْحَة رَامِيًا شَدِيد النَّزْع. أَيْ: شَدِيد الرَّمْي. قَوْله: نَحْرِي دُونَ نَحْرك. هَذَا مِنْ مَنَاقِب أَبِي طَلْحَة الْفَاخِرَة .
الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. وَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ... فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ:

في صحيح مسلم رحمه الله تعالى:
... حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه، قَالَ:
كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: " سَلْ "، فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ!. قَالَ: " أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟ "، قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قَالَ: " فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ".
وفي مسند أحمد رحمه الله تعالى:
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ:
كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقُومُ لَهُ فِي حَوَائِجِهِ نَهَارِي أَجْمَعَ، حَتَّى يُصَلِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ، فَأَجْلِسَ بِبَابِهِ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ، أَقُولُ: لَعَلَّهَا أَنْ تَحْدُثَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاجَةٌ. فَمَا أَزَالُ أَسْمَعُهُ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُبْحَانَ اللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ "، حَتَّى أَمَلَّ فَأَرْجِعَ أَوْ تَغْلِبَنِي عَيْنِي فَأَرْقُدَ.
قَالَ: فَقَالَ لِي يَوْمًا لِمَا يَرَى مِنْ خِفَّتِي لَهُ وَخِدْمَتِي إِيَّاهُ: " سَلْنِي يَا رَبِيعَةُ أُعْطِكَ ".
قَالَ: فَقُلْتُ: أَنْظُرُ فِي أَمْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ أُعْلِمُكَ ذَلِكَ.
قَالَ فَفَكَّرْتُ فِي نَفْسِي، فَعَرَفْتُ أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ زَائِلَةٌ! وَأَنَّ لِي فِيهَا رِزْقًا سَيَكْفِينِي وَيَأْتِينِي!. قَالَ: فَقُلْتُ أَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِآخِرَتِي، فَإِنَّهُ مِن اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي هُوَ بِهِ.
قَالَ: فَجِئْتُ. فَقَالَ: " مَا فَعَلْتَ يَا رَبِيعَةُ؟ ". قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْأَلُكَ أَنْ تَشْفَعَ لِي إِلَى رَبِّكَ فَيُعْتِقَنِي مِنْ النَّارِ. قَالَ: فَقَالَ: " مَنْ أَمَرَكَ بِهَذَا يَا رَبِيعَةُ؟ " قَالَ: فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ الَّذِي بَعَثَكِ بِالْحَقِّ، مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ، وَلَكِنَّكَ لَمَّا قُلْتَ: " سَلْنِي أُعْطِكَ " وَكُنْتَ مِنْ اللَّهِ بِالْمَنْزِلِ الَّذِي أَنْتَ بِهِ، نَظَرْتُ فِي أَمْرِي، وَعَرَفْتُ أَنَّ الدُّنْيَا مُنْقَطِعَةٌ وَزَائِلَةٌ، وَأَنَّ لِي فِيهَا رِزْقًا سَيَأْتِينِي، فَقُلْتُ أَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِآخِرَتِي!. قَالَ: فَصَمَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلًا، ثُمَّ قَالَ لِي: " إِنِّي فَاعِلٌ، فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ ".

وفي سنن الترمذي رحمه الله تعالى:
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ؟. فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ. فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ: " أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ قِيَامِ السَّاعَةِ؟ ". فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ!. قَالَ: " مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَعْدَدْتُ لَهَا كَبِيرَ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ!. إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ!. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ. وَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ".
فَمَا رَأَيْتُ فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحَهُمْ بِهَذَا.
قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
مَقْتَلُ زيد ابْنِ الدّثِنّةِ رضي الله عنه ... وَمَثَلٌ مِنْ وَفَائِهِ لِلرّسُولِ صلى الله عليه وسلم:
في سيرة ابن هشام:
مَقْتَلُ زيد ابْنِ الدّثِنّةِ رضي الله عنه. وَمَثَلٌ مِنْ وَفَائِهِ لِلرّسُولِ صلى الله عليه وسلم:
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَمّا زَيْدُ بْنُ الدّثِنّةِ، فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ أُمَيّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَبَعَثَ بِهِ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ مَعَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ نِسْطَاسُ إلَى التّنْعِيمِ، وَأَخْرَجُوهُ مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ.
وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ( وذلك قبل إسلامه رضي الله عنه ) فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قَدِمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا زَيْدُ: أَتُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا عِنْدَنَا الآنَ فِي مَكَانِك نَضْرِبُ عُنُقَهُ وَأَنّك فِي أَهْلِك؟.
قَالَ: وَاللهِ مَا أُحِبّ أَنّ مُحَمّدًا ( صلى الله عليه وسلم ) الآن فِي مَكَانِهِ الّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ وَأَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي.
قَالَ: يَقُولُ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْت مِنْ النّاسِ أَحَدًا يُحِبّ أَحَدًا كَحُبّ أَصْحَابِ مُحَمّدٍ مُحَمّدًا...
ثمّ قُتِلَ زيدٌ رضي الله عنه ورحمه بواسع رحمته.
أُمِّ أَيْمَنَ بَرَكةُ الحَبَشِيَّةُ:
فهي والدة الحِبّ ابن الحِبّ أسامة بن زيد، رضي الله عنهم جميعا.

مولاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضِنَته. كانت مملوكة لآمنة بنت وهب ( أم النبي صلى الله عليه وسلم )، فَرَبَّته في حياتها، وحَضَنَته بعد وفاتها، ففتح عينيه على الدنيا؛ وهو لا يعرف لِنَفْسِه أمّاً غَيْرَها.
فأحّبَّها أعْمَقَ الحبّ وأَصدَقه، وكثيراً ما كان يقولُ: هيَ أُمّي بعدَ أمّي، وبَقِيّةُ أهْلِ بيتي. وهي أكثر من تمتّع برؤية النبي صلى الله عليه وسلم منذ ولادته حتّى انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
أسلمت أمّ أيمن مبكراً، وكانت من أوائل المهاجرات إلى المدينة المنوّرة، وأوّل مهاجرة تهاجر بمفردها، وعلى قدميها.
عاشت المؤمنة الصابرة في المدينة قريبة من النبي صلى الله عليه وسلم قريرة العين، وشاركت في بعض غزواته، وكانت يوم أُحُد تَسقي الماء، وتداوي الجرحى.. وأمدّ الله في عمرها حتّى شهدت وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فبكته بكاء الأمّ الثكلى، وحزِنت عليه حزناً لا تطيقه إلاّ قلوب المؤمنين الصابرين. كيف لا !، وهي التي لم تعُد تطيق فراقه، ولا تقرّ لها عينٌ، ولا يهدأ لها بال، حتّى تأنس به، وتسعد بقربه.. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها في حياته بين حين وحين.
فلمّا كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لعمر ـ رضي الله عنهما ـ انطلق نَزُرْ أمّ أيمن، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها.. فلمّا دخلا عليها بَكَت … فقالا: ما يُبكيك! فما عند الله خير لرسوله!
قالت: أبكي أنّ وَحْيَ السماء انقطع!؛ فهَيَّجَتْهُما على البكاء … فجعلت تبكي ويبكيان معها.
ولمّا قُتِل عمر رضي الله عنه، بَكَتْ، فقيل لها، فقالت: اليوم وهَى الإسلام.
وماتت بعد عُمرَ رضي الله عنه بقليل.
رضي الله عن الصحابيّة الجليلة المؤمنة المهاجرة، بركة: أمّ أيمن.
يا ليتني كُنتُ صاحب الحفرة:
قائل هذا القول هو الصحابيّ الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
أمّا صاحب الحفرة فهو الصحابيّ الجليل عبد الله المزنيّ؛ المعروف بـ: ذي البجادين.
ولذلك قصّة شائقة:
ع

اش الصحابيّ الجليل عبد الله المزنيّ رضي الله عنه في ظلّ عمّه الذي كان يُغدق عليه من النِّعم ويجود عليه من الخير بلا عدّ ولا حدّ.
وذات يوم عرض على عمّه قائلا: هلمّ نُسْلِم لله؛ ونؤمن بالدين الجديد. فَهَدَّده عَمُّه قائلا: لئن أسلمت؛ لأنزعنّ منك كلّ ما أعطيتك.
فقال عبد الله: أتهددني؟! ... والله لنظرة من محمّد صلى الله عليه وسلم أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها!.
فَنَزَع عنه عمّه ما أعطاه حتّى ثيابه التي يلبسها.
فأعطته أمّه بجاداً ( كساءً ) فشقّه قسمين، ولبسهما، وتوجّه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأعلن إسلامه واستقرّ في المدينة المنوّرة.
ولمّا استنفر النبيُّ صلى الله عليه وسلم المسلمينَ إلى غزوة تبوك، كان عبد الله المزنيّ أحد الجند الصادقين في تلك الغزوة.
يقول سيّدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
قُمتُ من جوف الليل، وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فرأيت ناراً في ناحية العسكر، فاتبعتها أنظر إليها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحباه: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
وإذا عبد الله ذو البجادين المزنيّ قد مات، وإذا هم قد حفروا له، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدلّيانه إليه، وهو يقول: " أدنيا إليّ أخاكما "، فدلّياه إليه، فلمّا هيّأه لِشقّه، قال: " اللهم إنّي قد أمسيت راضياً عنه، فَاْرْضَ عنه ".
قال: ( أي: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ): يا ليتني كنتُ صاحب الحُفْرَة.

- أسامة الحمصي -