Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

تشرع صلاة الليل جماعة في رمضان وتسمى صلاة التراويح، ومن فضل الله تعالى أن من قام مع الإمام حتى ينصرف حُسِب له قيام ليله، ولو كان قيامه جزءاً من الليل فقط، لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل إذا  صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليله) [أخرجه أصحاب السنن، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان]وذلك عندما صلى بهم في إحدى ليالي رمضان إلى نصف الليل فطلبوا أن يزيدهم

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية

You are missing some Flash content that should appear here! Perhaps your browser cannot display it, or maybe it did not initialize correctly.

الشيخ الدكتور خالد بن عبد الرحمن الشايع  
تحميل الصوت نص البرنامج كاملا



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وصلى الله   وسلم على نبينا محمد وبعد:

 

أيُّها الأحبة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله   وبركاته، وأحييكم إلى هذه الحلقة من مواقف من بيت النبوة، وأستكمل معكم بعض مواقف أمِّ   المؤمنين عائشة –رضي الله عنها– ممَّا له صلة بالبيت النبوي، مع ذكر شيءٍ من سيرتها، ونحو   ذلك من الفوائد، فأقول:

 

إنَّ أم المؤمنين عائشة –رضي الله   عنها– كانت على جانب عظيم من العلم والفضل، فنقلت للأمة علمًا غزيرًا –بارك الله فيه   ونفع به–، وقد روى الترمذي عن أبي موسى–رضي الله عنه– أنَّه قال: "ما   أشكل علينا أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم– حديثٌ قط، فسألنا عائشة إلَّا وجدنا   عندها منه علمًا".

 

ومن جملة ما نقلته أمُّ المؤمنين   عائشة –رضي الله عنها– مسائلُ شتى من هدي النبي –صلى الله عليه وسلم– وسيرته وحياته   البيتية، وفي جوانب من العبادات والمعاملات والآداب وغيرها، ومن ذلك ما   رواه الإمام أحمد والإمام مسلم عنها -رضي الله عنه- قالت: "ما ضرب رسول الله –صلى الله عليه وسلم– امرأة قط، ولا ضرب خادمًا له قط، ولا ضرب بيده   شيئًا إلَّا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيل منه شيء، فانتقمه من صاحبه إلَّا أن تُنْتَهك   محارم الله، فينتقم، فكان ذلك تفسيرًا عمليًا لقوله –عليه الصلاة والسلام–   في معرِض إنكاره على من يظلمون أزواجهم بضربهن، قال: (يعْمِد أحدكم، فيجلد امرأته جلد العبد، فلعله يضاجعها من آخر يومه)[1].

 

وروى أبو داود عن إياس بن عبدالله –رضي الله عنه– أنَّ نساءً جئنَ إلى   بيت النبي –صلى الله عليه وسلم– يشكون أزواجهن، فقال –عليه الصلاة والسلام– واعظًا المسلمين: ( لقد أطاف بآل بيت محمد نساء كثير يشكون أزواجهن   ليس أولئك بخياركم).

 

ومن ذلك أيضًا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن   جابر بن عبدالله -رضي الله عنه– أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم– سأل أهله الأُدْم، فقالوا: ما عندنا إلَّا  خلّ، فجعل يأكل به ويقول: (نِعْم   الأُدْم الخل، نعم الأُدْم الخل).

 


وجاء أيضًا عند مسلم بهذا اللفظ من رواية عائشة، وعند الترمذي في سننه عن أمِّ هانئ بنت أبي طالب قالت: دخل   عليَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم– فقال: (هل عندكم شيء؟)، فقلتُ: لا إلَّا  كِسَرٌ يابسة وخَل، فقال النبي – صلى الله عليه –: (قرّبيه، فما أقصر بيتٌ من أُدمٍ فيه خل).

 

وفي هذا الموقف فوائد عدة، ومن ذلك:

 

أن يتنبَّه  أولئك الأزواج الذين يستشيطون غضبًا عندما يتأخَّر الطعام عن موعده، أو إذا كان على   غير مزاج الواحد منهم، وقد تكون هناك أسباب قاهرة أرغمت تلك الزوجة على الوقوع في   مثل ذلك التقصير، بل إنَّ الأمر ليبلغ ببعض الأزواج – هداهم الله– أن يعلِّقوا مصير  زوجاتهم وطلاقهن بمسألة إعداد الطعام، مع أنَّ الأمر أسهل مما يتصوَّرون، فبدل الطعام  طعامٌ آخر، وتأخُّرهُ لا يحمل على مثل ذلك الغضب، وحلُّ ذلك وأمثاله اتباع هدي النبي – صلى الله عليه وسلم– والتخلُّق بأخلاقه، حيث كان –عليه الصلاة   والسلام– يأكل ما تيسَّر، ولا يمتنع من مباح،إن وجد تمرًا؛ أكله، وإن وجد شِواءً؛ أكله، وإن  وجد خبز برّ أو شعير؛ أكله، وإن وجد لبنًا؛ اكتفى به، وما عاب طعامًا قط، إن اشتهاه  أكله، وإن لم يشتهه؛ تركه، وتقول أمُّ  المؤمنين عائشة –رضي الله عنها– فيما رواه   البخاري ومسلم: "كان يأتي على آل محمد الشهر والشهران لا يُوقَد في بيت من بيوته نار، وكان قوتهم التمر والماء"، وفي هذا تنبيه لمن وجد قوت يومه أن يكثِر حمد الله وشكره، فضلًا عما   يدَّخره كثير من الناس من أقواتِ كثيرة.

 

ومن جملة ما نقلته أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنهامن العلم بعض   المسائل التي تخفى على الرجال،   فقد أخرج مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-  أنَّه بلغها أنَّ عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-يأمر النساء –أي: يفتيهن إذا اغتسلن     -يعني من الجنابة-أن ينقضن رؤوسهن،فقالت: يا عجبًا لابن عمروٍ   هذا، يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن؟ أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-من إناء واحد،ولا أزيد على أن   أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات –تعني: أنَّه يُشمل البدن بالماء،ويُعمَّم   مع إفراغ الماء على الشعر من غير نقضه، وذلك في الغسل من الجنابة-.

 

وفي موقف آخر   روى مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-أنَّ أسماء  سألت النبي -صلى الله عليه وسلم-عن غُسل المحيض، فقال -عليه الصلاة   والسلام-: (تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها -والمعنى:ما   يُخلط بالماء؛ليطيِّب الرائحة،ويزيل الروائح الكريهة- قال: فتطهَّر،فتُحْسِن   الطُّهور،ثم تصب على رأسها،فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها-أي: أصول الشعر-، ثم تصبّ عليها الماء،ثم تأخذ فِرصَة ممسكة -أي: قطنًا أو خرقة مطيبة-،تتطهر بها)، قالت أسماء: وكيف تطهَّر بها؟ قال -عليه الصلاة السلام-: (سبحان الله، تطهَّرين بها)، وفي رواية أنَّه -عليه الصلاة والسلام- سَتَر وجهه بيده حياءً،وسبّح تعجبًا من خفاء مثل ذلك على تلك المرأة، وحينئذ تدخلت عائشة   -رضي الله عنهافاجتذبت المرأة إليها،وعرّفتها بمراد النبي -صلى الله عليه وسلموفي تمام الحديث قالت عائشة: "نِعْمَ النساء نساء الأنصار؛ لم يكن يمنعهن الحياء أن   يتفقهن في الدين"، قال الإمام النووي –رحمه   الله-: "المقصود باستعمال الطيب دفع الرائحة الكريهة، وهو مستحبٌ لكلِّ   مغتسلة من حيض أو نفاس، ويكره تركه للقادرة، فإن لم تجد مسكًا؛ فطِيبًا، فإن لم تجد؛   فالماءُ كافٍ" ا. هـ

 

وهذا جانبٌ من عناية الشرع   بالمشاعر بين الزوجين، والحرص على سَتر العيوب وما تأنفه   النفوس، وفي سياق التعليم والتوجيه تأتي امرأة لتسأل أم   المؤمنين عائشة –رضي الله عنها-: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت عائشة: "أحرورية أنتِ".

 

 نسبتتها إلى أرض حروراء،وهي  قرية قرب الكوفة،كان أول اجتماع الخوارج فيها،ولهم أراء وبدع وضلالات،منها إيجابهم على الحائض قضاء الصلوات الفائتة زمن الحيض قالت عائشة: "كان يصيبنا   ذلك -تعني زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم-، فنؤمر   بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"[2].

 

وبعدُ مستمعيّ الكرام: فهذه نماذج لمئات من القضايا التي يحتاج الناس لبيانها وتوضيحها،وكان   المطَّلع على تلك الأمور والمشاهِد أزواج النبي -صلى الله عليه وسلمو خاصة عائشة -رضي الله عنهالكمال علمها،ومزية فضلها،ولأجل ذلك؛ فقد كان من حِكم استكثار النبي -صلى الله عليه وسلم-من النساء نقل الأحكام الشرعية التي لا يطلع الرجال على كثير منها، و قد فَقُه هذه القضية أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلمفكانت لهن عناية خاصة بجميع أحوال رسول الله -صلى الله عليه وسلمفنقلن للأمة كلَّ ما تحتاج إليه من القضايا،وكان للصدّيقة -رضي الله عنها- نصيبٌ أوفر في هذا الشأن.

 

وهكذا فَهِم سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم علموا وتيقَّنوا أنَّ حياة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-كلها لله،وللدعوة إليه سبحانه،والتشريع للأمة، فلم يطووا أيَّ جانب من الحياة النبوية، خاصةً وأنَّ أكثر الوقائع والمواقف المَرْوَية عنه   -عليه الصلاة والسلام-في حياته في بيته ومع أزواجه هي التطبيق العملي لما يأمرهم به   بلسانه، وهذا واحد من مقاصد برنامجنا هذا.

 

وقد كان للصديقة -رضي الله عنها-كما تقدَّم نصيب أوفر في هذا الشأن،ولا غرو في ذلك؛فقد كانت من المكثرين من الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي رضي الله عنها قدوة ومثل لمن جاء بعدها من المسلمات،فما أحرى نساء المسلمين أن   يقتدين بها فلنعم القدوة هي، ولنعم المثل!

 

وفَّقنا الله جميعًا  لاغتنام الخيرات وترك المنكرات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 



[1]    رواه البخاري ومسلم.

 

  [2] رواه البخاري ومسلم.

 

المقطع المختار من قسم مقاطع الفيديو