Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ويقول:السلام عليكم، السلام عليكم( وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور) رواه أبو داود

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

ننصحك بقراءة هذا الإصدار

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
الوفــاء في حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)

الإسْلَامُ دِينُ الوَفاءِ واحْتِرامِ العُهودِ والعُقُودِ والموَاثِيقِ قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ[الائدة: 1]، وَقَالَ تَعَالَى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا[الإساء: 34]. وَقَالَ: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ [الرعد: 20].

وَقالَ النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ؛ فَلَا يَحُلَّنَّ عُقْدَةً وَلَا يَشُدَّهَا حَتَّى يَمْضِيَ أَمَدُهُ، أَوْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ" [رواه أبو داود والترمذي].
وَلمّا قَدِمَ على النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) رَسُولا مسيْلمةَ الكذَّابِ، فتكُلَّما بما قَالَا. قَالَ (صلى الله عليه وسلم): "لَوْلَا أَنَّ الرُّسَلَ لَا تُقْتَلُ, لضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا" فَجَرت سنتُه أَلا يُقْتَل رَسُولٌ". [رواه أبوداود].

وَمِنْ أَمثِلة وَفَاءِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) بالعهْدِ مَعَ الكَفَّارِ مَا جَاء فِي قصَّةِ الحديْبيةِ، وَفِي ذَلِكَ الصُّلْحِ الَّذي أبْرَمَه النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) مَعَ مَنْدُوبِ قُريْشٍ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو، وَكَانَ مِنْ بُنودِ هَذَا الصُّلْحِ أَنَّ أيَّ رَجُلٍ يأْتِي إِلَى النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ قُريشٍ خِلالَ مُدَّةِ هَذَا الصُّلْحِ يَردُّه إِليْهِمْ وَإنْ كَانَ مُسْلمًا، وَبَينما هُمْ بِصَددِ كِتابةِ بَقيَّةِ بُنودِ هَذا الصُّلْحِ إِذْ جَاء أَبُو جَنْدَل بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيودِه، قَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمى بنفْسِه بَينَ ظُهُورِ المسْلِمينَ. فَقَالَ سُهيلٌ: هَذَا يَا محمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَردَّه إليَّ. فَقَال النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ" فَقَالَ: إِذًا لَا أُصالحُكَ عَلَى شيءٍ أَبدًا. فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم): "فَأَجِزْهُ لِي" قَال: مَا أنا بِمُجِيزِه لَكَ. قَالَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم): "بَلَى فَافْعَل" قَالَ: مَا أَنَا بفَاعلٍ. فَجعلَ أَبُو جَنْدَلٍ يَصْرُخ بأعْلَى صَوْتِه: يَا مَعْشَر المسْلِمينَ! أأُردُّ إِلى المشْرِكينَ يفْتِنُونِي فِي دِيني وَقَدْ جئْتُ مُسْلِمًا؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "يَا أَبَا جَنْدَلٍ! اصْبِرْ وَاحْتَسِبْ، فَإِنَّ اللهَّ جَاعِلٌ لَكَ وَلِمنْ مَعَكَ مِن المسْتَضْعَفِينَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، إِنَّا قَدْ عَقَدْنَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ صُلْحًا، وَأَعْطَيِنَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَأَعْطُونَا عَهْدَ اللهِ، فَلا نَغْدِرُ بِهِمْ" [رواه البخاريُّ]، وَكَذِلِكَ هَرَبَ أَبُو بَصِيرٍ وَهُوَ رَجلٌ مِنْ ثَقيفٍ حَليفٌ لقريْشٍ، فَذَهبَ إِلَى النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم), فأرْسلتْ قُريْشٌ فِي طلبِه رَجُليْنِ, فَرَدَّه النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بمُوجب اتِّفاقِيَّةِ صُلحِ الحديْبيةِ. وَفِي هَذا دليلٌ عَلى كَمالِ وَفَاءِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) واحْتِرامِه للعُهودِ والموَاثِيقِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِي ظَاهِرِ هَذَا العَهْدِ إِجْحَافٌ بحقِّ المسْلِمينَ.

وَمِنَ الأَدلَّةِ عَلَى وَفَاءِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) للكفَّارِ بِالعَهْدِ مَا رَواهُ البَرَاءُ أَنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) لَما أَرادَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَرْسَل إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَستأْذِنُهُمْ ليدْخُلَ مَكَّةَ، فاشْتَرطُوا عَليْهِ أَلَّا يُقِيمَ بِها إِلَّا ثَلَاثَ لَيالٍ، وَلَا يدْخُلَها إِلا بجُلُبَّانِ السِّلَاحِ(1)، وَلَا يدْعُو منْهم أَحدًا.

قَالَ: فأخَذَ يكْتُبُ الشَّرطَ بَينَهُمْ عَليّ بْنُ أَبِي طالبٍ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عليْهِ محمدٌ رَسولُ اللهِ. فَقَالُوا: لَو علِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ لم نمْنَعْك وَلتابعْنَاك, ولكنِ اكْتُبْ: هَذَا ما قاضَى عَلَيْهِ محمدُ بْنُ عبدِاللهِ. فقالَ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): "أَنَا – واللهِ – مُحمَّدُ بْنُ عبْدِاللهِ، وَأَنَا – واللهِ – لَرَسُولُ اللهِ" فقال لعلي: "امْحُ رَسولُ اللهِ" فَقَالَ عليٌّ: واللهِ لا أَمْحاه أَبدًا.

قَالَ: "فَأَرِنِيهِ" فَأراه إيَّاه، فمَحاه النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بيدِه فلمَّا دَخَلَ ومضَتْ الأيامُ أَتوا عليًّا فقَالوا: مُرْ صاحِبك فلْيرْحَل، فذكر ذلِك عليٌّ لِرسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: "نَعَمْ" فَارْتَحل [متفق عليه].

وَفِيه أَنَّ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) وفَّى لهمْ بِما عاهَدهُمْ عَلَيْهِ وَلِمَ يَزِدْ عَلَى الثَّلاَثِ.

وَقَالَ (صلى الله عليه وسلم) مُحذِّرًا مِنَ الغَدْرِ وَعَدمِ الوَفاءِ بالوَعْدِ: "مَنْ أَمَّنَ رَجُلاً عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ، فَأَنَا بريءٌ مِنَ القَاتِلِ, وَإِنْ كَانَ المقْتُولُ كَافِرًا" [رواه النسائي وصححه الألباني].

وَقَالَ (صلى الله عليه وسلم): "مَا نَقَضَ قَوْمٌ العَهْدَ إِلَّا كَانَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ" [رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم وصححه الألباني].

وَاسْتعاذَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) مِنَ الخِيانَةِ وَهِيَ ضِدُّ الوَفَاءِ فَقَالَ: "... وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الخِيَانَةِ فَإِنَّها بِئْسَتِ البِطَانَةُ" [رواه أبوداود والنسائي وحسنه الألباني].
وَحرَّمَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) الغَدْرَ والخِيانَةَ فَقَالَ: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ" [متفق عليه].

وَبَيَّنَ (صلى الله عليه وسلم) أَنَّه لَا يَنْقُض عَهْدًا فقالَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: "إِنِّي لَا أَخِيْسُ بِالْعَهْدِ" [رواه أحمد وأبوداود وصححه الألباني].
____________________________
(1 ) جلبان السلاح: القراب بما فيه من السيف والقوس.

في رحاب السيرة النبوية 31
بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي

الأمين العام المساعد
لرابطة العالم الإسلامي