Get Adobe Flash player

رسالة اليوم من هدي الرسول

-          عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة. متفق عليه

قال ابن حجر في الحديث دليل على أن لا كراهية في الصوم في السفر لمن قوي عليه ولم يصبه منه مشقة شديدة (فتح الباري)

البحث

كتاب الرحمة في حياة الرسول

شاهد مكة المكرمة مباشرة

إقرأ مقالا من أكبر كتاب في العالم

إبحث عن محتويات الموقع

شاهد المدينة المنورة مباشرة

المسجد النبوي _ تصوير ثلاثي الأبعاد

Madina Mosque 3D view

الرئيسية
الكرم في حياة الرسول  (صلى الله عليه وسلم)

بقلم: أ.د. عادل بن علي الشدي
حين نتحدث عن الجُودُ والكَرَمُ والسَّخاءُ والسَّماحَةُ, فإن أعظم تجلي بهذه الخصال العظيمة من البشر هو نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) فَقَدْ كَانَ (صلى الله عليه وسلم) لَا يبارى في هَذِهِ الأخلاقِ الكريمةِ.
وَكَانَ جُوده (صلى الله عليه وسلم) شَامِلاً كلَّ مَرَاتِبِ الجُودِ، الَّتِي أَعْلَاها الجودُ بالنَّفْسِ فِي سَبِيل اللهِ تَعَالى كَمَا قِيل:
يَجُـودُ بالنَّفْسِ إِنْ ضَنَّ الْبَخِيلُ بِهَا
وَالجْـُودُ بِـالنَّفْسِ أَقْصَـى غَـايَةِ الْـجُودِ

فَكَانَ (صلى الله عليه وسلم) يَجُودُ بنفْسِه فِي مُجاهَدَةِ أَعْدَاءِ اللهِ تَعَالَى، فَكَانَ أَقْربَ النَّاسِ مِنَ العدُوِّ فِي المعْركَةِ، وكان الشُّجَاعُ الَّذِي يُحازِيه أَوْ يَقِفُ بِجوِارِه.
وَكانَ (صلى الله عليه وسلم) يَجُود بعلْمِه, فَيُعِلِّم أصْحَابه ممّا علَّمه اللهُ تَبارك وتَعَالَى، وَيَحْرِصُ عَلَى تَعلِيمِهمُ الْخَيرَ، ويرفقُ بِهمْ فِي التَّعْلِيم، ويَقُول: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا" [رواه مسلمُ].

وَقَالَ: "إِنَّما أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الوَالِدِ أَعُلِّمُكُمْ" [رواه أحمد وأبوداود وحسنه الألبانيُّ].

وَكانَ إِذَا سألَهُ السَّائِلُ عَنْ حُكْمٍ رُبَّما زَادَه فِي الإِجَابَةِ، وَهَذَا مِنَ الجُودِ بِالْعِلْمِ، فَقَدْ سَأَلَهُ بَعضُهمْ عَنْ طَهَارَةِ مَاءِ البَحْرِ فَقَالَ عَلَيْهِ الصلاةُ وَالسَّلامُ: "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مِيَتُتُه" [رواه أحمدُ وأصحاب السُّنَنِ].

وَأَمَّا جُودُه (صلى الله عليه وسلم) بوقْتِه وَرَاحَتِه فِي سَبِيل قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ وَالسَّعْيِ فِي مَصالِحهِمْ, فَهُوَ (صلى الله عليه وسلم) أَجْودُ النَّاسِ فِي هَذَا البَابِ, ويَكْفِي فِي ذَلِكَ أَنَّ الأمَةَ مِنْ أَهْلِ المدينةِ كَانتْ تَأْخُذُ بِيَدِه (صلى الله عليه وسلم) فتنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ مِنَ المَدِينةِ فِي حَاجَتِها. [رواه ابن ماجه وصححه الألباني].

وَيَدُلُّ عَلَى عِظَمِ جُودِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) مَا رَواهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ (رضى الله عنه) قَالَ: "مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: لَا". [متَّفقٌ عليْهِ].
وَعَنْ أَنَسٍ (رضى الله عنه) قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) عَلَى الْإِسْلَامِ شَيْئًا إِلَّا أَعطاهُ. قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ, فأعْطَاهُ غَنمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إِلى قَوْمِه فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا, فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعطِي عَطَاءً لَا يخْشَى الفَاقةَ. [رَوَاهُ مُسْلِمُ].

قَالَ أَنَسٌ: إِنْ كَانَ الرَّجُلُ ليسْلِمُ مَا يُريدُ إِلَّا الدنْيَا، فَما يُمْسِي حَتَّى يكُونَ الْإِسْلَامُ أَحَبَّ إِلَيْه مِنَ الدُّنْيا وَمَا عَلَيْها.

وَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ ثلاثمائةً مِنَ النَّعَمِ بَعدَ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ. فَقَالَ: "وَاللهِ لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مَا أَعْطَانِي, وَإِنَّهُ لَأَبْغَضُ النَّاسِ إِليَّ, فَمَا بَرِحَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّه لَأَحَبُّ النَّاسِ إِليَّ" [رواه مسلم].

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) أَجْوَدَ النَّاسِ بالخيْرِ، وَكَانَ أَجْودَ مَا يكُونُ فِي شَهْرِ رَمضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْريلُ – عَلَيْهِ السَّلامُ – فيُدَارِسُه القُرْآنَ، فَلرَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) أَجْودُ بالخيْرِ مِنَ الرِّيْحِ المرْسَلةِ [متفقٌ عَلَيْهِ].

وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ (رضى الله عنه) قَالَ: بَينَا رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) وَمَعَهُ النَّاسُ مَقْفَله مِنْ حُنَيْنٍ, عَلِقتْ بِهِ الأعْرابُ يسْأَلونَهُ, حَتَّى اضطَرُّوهُ إِلى سَمُرة، فَخَطَفت رِداءَهُ, فَوَقَفَ رسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) فَقَالَ: "رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي, فَوَاللهِ لَوْ كَانَ لي عَدَدُ هَذِه العضَاه نَعَمًا، لقَسَمْتُه بَيْنَكُمْ, ثُمَّ لَا تَجِدُوْنِي بَخِيْلاً, وَلَا كَذَّابًا وَلَا جَبَانًا" [رواهُ البُخارِيُّ].
وَكَانَ الجُودُ خُلُقَ نبيِّنا (صلى الله عليه وسلم) حَتَّى قَبِلَ البَعْثَةِ، فَإِنَّه لَما نَزَلَ عَلَيْهِ المَلَكُ بِحِرَاءٍ، وَجَاءَ إِلى خَدِيجَةَ يَرْتَجِفْ، قَالتْ لَه: كَلَّا وَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبدًا؛ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ, وَتَحْمِلُ الكَلَّ, وَتُكْسِبُ المعْدُومَ, وتُعِينُ عَلَى نَوِائِبِ الحَقِّ.

وَقَالَ أَنَسٌ: كَان النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) لَا يدَّخِرُ شَيْئًا لِغدٍ. [رَواهُ الترْمِذِيُّ وصحَّحه الألبانيُّ].

وَعَنْ أَبِي سعيدٍ (رضي الله عنه) قَالَ: سَأَل نَاسٌ مِنَ الأنْصَارِ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ، فَأَعْطَاهُمْ مَا سَألُوه, ثُمَّ سَألُوه فَأعْطَاهُمْ مَا سَألُوه, ثُمَّ سَألُوه فأعْطاهُمْ مَا سَألُوه، حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَه قَالَ: "مَا يَكُونُ عِنْدِي فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ, وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطاءً هُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ [رواهُ أصْحابُ السُّننِ].

الأمين العام المساعد
لرابطة العالم الإسلامي

من سلسلة في رحاب السيرة النبوية 36